• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

من أخلاق أهل بيت النبوة(علیهم السلام) التواضع ونكران الذات


(حوادث من سيرة النبي الاكرم(صلی الله علیه وآله وسلم) والامام الصادق(علیه السلام))
والصلاة والسلام على محمد المختار وأهل بيته الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين ...
السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في الحلقة الاولى من هذا البرنامج الذي سيتجول معكم باذن الله تعالى في سيرة واخلاق النبي الكريم محمد(ص) والسادة المتخلقين بخلقه العظيم أهل بيته الطيبين الطاهرين(ع).
وبما يسمح به الوقت المخصص للبرنامج نأمل ان تقضوا معه وقتاً ممتعاً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل ـ ان من معالي اخلاق النبي(ص) نكران الذات فهو صلى الله عليه وآله المنزه من كل مظهر من مظاهر التكبر ولم يكن ذلك على المستوى النظري فقط وانما طبقه(ص) بشكل عملي على واقع حياته الشريفة، وقد روى المؤرخون من ذلك بوادر كثيرة رائعة ومنها انه وفد عليه شخص فاخذته هيبة النبي(ص) واختطف الرعب سحنات وجهه فخفف عنه النبي(ص) وقال له: "انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد".
أرأيت مستمعي الكريم ـ سمو هذا النكران للذات والرفض لكل بادرة من بوادر التكبر والعلو على الناس؟
اجل لقد علمنا الرسول الاكرم(ص) بسيرته العطرة ان العظمة والعبودية بجميع ابعادها انما هي لله تعالى خالق الكون وواهب الحياة فله وحده تعنو الوجوه لا لغيره.
ومن اهم الصفات التي كان يرغب ان تضفى عليه انه عبد الله تعالى ورسوله.
وقد كره النبي(ص) كراهية شديدة الانانية والتكبر ونذكر لمستمعينا الاعزاء ـ التفاتة رائعة اخرى رواها ابن عباس حيث قال: مشيت خلف رسول الله(ص) لانظر هل يكره ان امشي وراءه او يحب ذلك، فالتمسني بيده والحقني به حتى مشيت بجانبه ثم تخلفت مرة ثانية فالتمسني بيده والحقني به فعرفت انه يكره ذلك.
واما الان ننقل مستمعينا الاعزاء الى غصن آخر من اغصان تلك الشجرة المباركة التي شاء الله تعالى ان تغدق على العباد بثمارها التي لا تنفد وهو الامام جعفر بن محمد الصادق(ع) لقد كان الصادق(ع) آية من آيات الله عز وجل في سمو اخلاقه وكان امتداداً لاخلاق جده الرسول(ص)، ونذكر مثلاً يشير الى تواضعه ومقته وشجبه للتكبر روي انه قال لرجل: من سيد قبيلتك؟ فقال الرجل: انا فانكر الامام ذلك وقال له: لو كنت سيدهم ما قلت انا.
سلام الله عليهم وعلى آبائهم وابنائهم الطيبين الطاهرين فقد جعلهم الله تبارك وتعالى قدوة للعالمين في كل حركاتهم وسكناهم.
وكان من تواضع الامام الصادق(ع) انه كان يرفض الجلوس على الفرش الفاخرة ويجلس على الحصير، وكان يرى ان التكبر على خلق الله تعالى من افحش الصفات التي تهبط بالانسان الى مستوى سحيق.
روى المؤرخون ان رجلاً كان يلازم الامام الصادق(ع) فافتقده فسأل عنه فبادر رجل مستهيناً به قائلاً: انه نبطي فرد عليه الامام قائلاً: "اصل الرجل عقله وحسبه دينه وكرمه تقواه والناس في آدم مستوون".
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ شكراً لكم على جميل الاصغاء. نسأله تعالى ان يجعلنا واياكم من المتمسكين بولاية محمد وآله الاطهار(ع) آمين يا رب العالمين. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******


(حوادث من سيرة النبي الاكرم(صلی الله علیه وآله وسلم) والامام الصادق(علیه السلام))
والصلاة والسلام على محمد المختار وأهل بيته الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين ...
السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في الحلقة الاولى من هذا البرنامج الذي سيتجول معكم باذن الله تعالى في سيرة واخلاق النبي الكريم محمد(ص) والسادة المتخلقين بخلقه العظيم أهل بيته الطيبين الطاهرين(ع).
وبما يسمح به الوقت المخصص للبرنامج نأمل ان تقضوا معه وقتاً ممتعاً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل ـ ان من معالي اخلاق النبي(ص) نكران الذات فهو صلى الله عليه وآله المنزه من كل مظهر من مظاهر التكبر ولم يكن ذلك على المستوى النظري فقط وانما طبقه(ص) بشكل عملي على واقع حياته الشريفة، وقد روى المؤرخون من ذلك بوادر كثيرة رائعة ومنها انه وفد عليه شخص فاخذته هيبة النبي(ص) واختطف الرعب سحنات وجهه فخفف عنه النبي(ص) وقال له: "انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد".
أرأيت مستمعي الكريم ـ سمو هذا النكران للذات والرفض لكل بادرة من بوادر التكبر والعلو على الناس؟
اجل لقد علمنا الرسول الاكرم(ص) بسيرته العطرة ان العظمة والعبودية بجميع ابعادها انما هي لله تعالى خالق الكون وواهب الحياة فله وحده تعنو الوجوه لا لغيره.
ومن اهم الصفات التي كان يرغب ان تضفى عليه انه عبد الله تعالى ورسوله.
وقد كره النبي(ص) كراهية شديدة الانانية والتكبر ونذكر لمستمعينا الاعزاء ـ التفاتة رائعة اخرى رواها ابن عباس حيث قال: مشيت خلف رسول الله(ص) لانظر هل يكره ان امشي وراءه او يحب ذلك، فالتمسني بيده والحقني به حتى مشيت بجانبه ثم تخلفت مرة ثانية فالتمسني بيده والحقني به فعرفت انه يكره ذلك.
واما الان ننقل مستمعينا الاعزاء الى غصن آخر من اغصان تلك الشجرة المباركة التي شاء الله تعالى ان تغدق على العباد بثمارها التي لا تنفد وهو الامام جعفر بن محمد الصادق(ع) لقد كان الصادق(ع) آية من آيات الله عز وجل في سمو اخلاقه وكان امتداداً لاخلاق جده الرسول(ص)، ونذكر مثلاً يشير الى تواضعه ومقته وشجبه للتكبر روي انه قال لرجل: من سيد قبيلتك؟ فقال الرجل: انا فانكر الامام ذلك وقال له: لو كنت سيدهم ما قلت انا.
سلام الله عليهم وعلى آبائهم وابنائهم الطيبين الطاهرين فقد جعلهم الله تبارك وتعالى قدوة للعالمين في كل حركاتهم وسكناهم.
وكان من تواضع الامام الصادق(ع) انه كان يرفض الجلوس على الفرش الفاخرة ويجلس على الحصير، وكان يرى ان التكبر على خلق الله تعالى من افحش الصفات التي تهبط بالانسان الى مستوى سحيق.
روى المؤرخون ان رجلاً كان يلازم الامام الصادق(ع) فافتقده فسأل عنه فبادر رجل مستهيناً به قائلاً: انه نبطي فرد عليه الامام قائلاً: "اصل الرجل عقله وحسبه دينه وكرمه تقواه والناس في آدم مستوون".
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ شكراً لكم على جميل الاصغاء. نسأله تعالى ان يجعلنا واياكم من المتمسكين بولاية محمد وآله الاطهار(ع) آمين يا رب العالمين. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

الحلم والعفو في سيرة النبي الاكرم(ص) إعانة الخلق وقضاء حوائجهم (الامام الكاظم(ع))

الحلم والعفو في سيرة النبي الاكرم(ص) إعانة الخلق وقضاء حوائجهم (الامام الكاظم(ع))
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الاطهار...

السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم في برنامجكم هذا حيث ننهل من ذلك المعين الذي لا ينضب، معين اهل بيت النبوة(ع)، الذين اذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً نأمل ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاكارم ـ من صفات النبي(ص) الحلم فقد كان من احلم الناس ولا يغضب على من اساء اليه الا اذا انتهكت حرمات الله تعالى فانه يقابل ذلك بشدة.
ومن آيات حلمه ان ذا الخويصرة وهو من الجفاة الذين ملئت نفوسهم بالحرص والجهل جاء الى النبي(ص) وهو يقسم الاموال فقال له: يا رسول الله اعدل فاجابه النبي(ص) ويحك فمن يعدل اذا لم اعدل لقد خبت وخسرت ان لم اكن اعدل. ولم يقابله النبي(ص) الا بالعفو والاحسان واعطى بذلك مثلاً لاصحابه ليقتدوا بسيرته المباركة.
ومن آيات حلمه(ص) انه عفى عن الد اعدائه وهم عتاة قريش الذين قابلوه بالحرب والاعتداء عليه وعلى من آمن به وشنوا عليه الحرب بلا هوادة، ولما خرج من مكة قادوا الجيوش للقضاء عليه واطفاء نور الاسلام. ولما فتح الله تعالى له الفتح المبين، وحرر مكة وقد ايقن اهلها بالانتقام منهم لكنه(ص) عفا عنهم وقال لهم: اذهبوا فانتم الطلقاء، وكان ذلك آية من آيات نبله وسمو اخلاقه، فلم يقابلهم بالمثل.
وننتقل الآن ـ مستمعينا الكرام ـ الى علم من اعلام اهل البيت(ع) وهو الامام موسى الكاظم(ع) الذي قام بدور ايجابي ومتميز بنشر الثقافة الاسلامية واشاعة الاخلاق الفاضلة بين الناس وكان من بين خصائصه ومميزاته كظمه للغيظ ومقابلته للاساءة بالاحسان والذنب بالعفو حتى لقب بالكاظم وهو من اشهر القابه.
وكان من معالي اخلاقه(ع) الاحسان الى الناس وقضاء حوائجهم ونذكر مثالاً على ذلك: فقد كان احد الاشخاص من اهالي الري مديناً للحكومة باموال طائلة لا يستطيع تسديدها وقد هدته الهموم في كيفية الخلاص، وحين علم ان حاكم الري من شيعة الامام الكاظم(ع) قرر السفر الى المدينة المنورة للقاء الامام عله يحل مشكلته، وبالفعل سافر والتقى بالامام وعرض عليه محنته، واستجاب له الامام(ع) وزوده برسالة الى حاكم الري جاء فيها بعد البسملة: "اعلم ان الله تعالى تحت عرشه ظلاً لا يسكنه الا من اسدى سروراً، وهذا اخوك والسلام". واخذ الرجل الرسالة وجد في السير حتى انتهى الى الري وقصد الحاكم ليلاً فخرج اليه غلامه فقال له: من انت؟ فأجابه: رسول الصابر موسى، فهرع الغلام الى مولاه واخبره بذلك فخرج الحاكم حافي القدمين فعانقه وقبل ما بين عينيه واخذ يسأله عن حال الامام، ثم ناوله رسالة الامام فجعل الحاكم يوسعها تقبيلاً، ولما قرأها استدعى بامواله وثيابه فقاسمه في جميعها، واعطاه قيمة ما لا يقبل القسمة وهو يقول: يا اخي هل سررتك؟
فاجابه الرجل: أي والله وزدت على ذلك.
ثم استدعى حاكم الري السجل فشطب جميع الديون التي على الرجل واعطاه براءة منها وخرج من عنده وقد غمرته الافراح والمسرات ورأ ان يجازيه على احسانه فيمضي الى بيت الله الحرام ويدعو له ويخبر الامام الكاظم(ع) بما اسداه له من المعروف والاحسان ولما اقبل موسم الحج مضى اليه ودعا للحاكم في البيت الحرام ثم مضى الى المدينة فالتقى بالامام(ع) واخبره بما اسداه له الحاكم من البر واللطف فسر الامام سروراً بالغاً فقال الرجل للامام(ع): يا مولاي هل سرك ذلك؟ فقال(ع): (أي والله لقد سرني وسر امير المؤمنين، والله لقد سر جدي رسول الله(ص) ولقد سر الله تعالى).
وقد دلت هذه البادرة وبوادر اخرى كثيرة على مدى اهتمام الامام(ع) بقضاء حوائج الناس والاحسان اليهم.
وفي الختام نشكركم ـ ايها الاعزاء ـ على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

الحلم والصفح في سيرة الامام علي (عليه السلام) الزهد في سيرة الامام الباقر (عليه السلام)

الحلم والصفح في سيرة الامام علي (عليه السلام) الزهد في سيرة الامام الباقر (عليه السلام)
الاحسان للاخوان ورفع الظلم عنهم في سيرة الامام الجواد (عليه السلام)
مستمعينا الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...

مستمعينا الاعزاء ـ كان امام المتقين علي(ع) احلم الناس بعد رسول الله(ص) اكثرهم كظماً للغيظ كان يقابل المسيء بالصفح والاحسان ليقلع روح الشر من نفسه.
وقد ذكر الرواة بوادر كثيرة من حلمه(ع) تنم عن نفسه العظيمة التي خلقها الباري تعالى لتكون مشكاة نور لعباده تهديهم للتي هي اقوم.
فيمن عظيم حلمه(ع) انه بعد ما ظفر بعائشة ومثيري فتنة حرب الجمل كمروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وغيرهم من الذين اشعلوا نار الحرب واعلنوا التمرد والعصيان المسلح على حكومته عفا عنهم جميعاً وسرح عائشة سراحاً جميلاً وجهزها جهازاً حسناً، وهكذا كانت سيرته(ع) الصفح والاحسان لمن اساء اليه. ومن عظيم صفحه وحلمه ان معاوية لما زحف لحرب الامام في صفين استولت قواته على نهر الفرات وحينما طلب الامام منهم ان يسمحوا لجيشه بالتزود من الماء امتنعوا من اجابته وقالوا: لا والله ولا قطرة حتى تموت ظمئاً كما مات ابن عفان.
فأمر الامام القوات بطردهم عن الفرات فهاجموهم وهزموهم فانبرى بعض اصحاب الامام قائلين: يا امير المؤمنين امنعهم الماء كما منعوك ولا تسقهم منه قطرة واحدة واقتلهم بسيف العطش وخذهم قبضاً بالايدي فلا حاجة لك في الحرب.
وامتنع الامام(ع) من اجابتهم وقال: لا والله لا اكافئهم بمثل فعلهم، افسحوا لهم عن الشريعة ففي حد السيف ما يغني عن ذلك.
واما الان مستمعينا الكرام ـ ننتقل الى امام آخر من الائمة الهداة المعصومين وهو ابو جعفر محمد الباقر(ع) ونذكر قبساً من سيرته الطاهرة واخلاقه الحميدة ومنها الزهد في الدنيا والاعراض عن جميع مباهجها وزينتها فلم يتخذ الرياش في داره وانما كان يفرش الحصير في مجلسه.
حدث جابر بن يزيد الجعفي عن زهد الامام قال: قال لي محمد بن علي بن الحسين(ع): "يا جابر اني لمحزون، واني لمنشغل القلب"، فانبرى جابر قائلاً: ما حزنك وما شغل قلبك؟ فأجابه الباقر(ع): (يا جابر ان من دخل قلبه صافي دين الله عز وجل شغله عما سواه، يا جابر ما الدنيا وما على ان تكون؟ هل هي الا مركب ركبته او ثوب لبسته او امرأة اصبتها).
وهكذا عزف الباقر(ع) عن الدنيا وطلقها كأجداده الطيبين الطاهرين.
مستمعينا الاعزاء ـ واما امامنا محمد الجواد(ع) فقد كان من معالي اخلاقه الاحسان الى الناس والبر بهم، وذكر المؤرخون بوادر كثيرة من احسانه كان منها ما رواه احمد بن زكريا الصيدلاني عن رجل من بني حنيفة من اهالي بست وسجستان، قال: رافقت ابا جعفر في السنة التي حج فيها في اول خلافة المعتصم فقلت له وانا على المائدة ان والينا جعلت فداك يتوادكم اهل البيت ويحبكم، وعلي في ديوانه خراج فان رأيت جعلت فداك ان تكتب اليه بالاحسان الي.
علم الامام عليه السلام بان هذا الخراج قد فرض على الرجل ظلماً فكتب عليه السلام الى الوالي قائلاً بعد البسملة والحمد: اما بعد فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً وهو مذهب اهل البيت وان مالك من عملك الا ما احسنت فيه فاحسن الى اخوانك واعلم ان الله تعالى سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل.
ولما اقفل الرجل عائداً الى وطنه وعلم الوالي برسالة الامام(ع) له اسرع اليه واستلم الرسالة وقبلها وسأله عن حاجته فاخبره بها فقال له لا تؤد لي خراجاً ما دام لي عمل، ثم امر له بصلة له ولعياله، وظل الرجل لا يؤد الخراج ما دام الوالي موجوداً كما انه لم يقطع عنه صلته، كل ذلك بلطف الله تعالى الذي منَّ على عباده بهكذا ائمة.
وفي ختام البرنامج نشكركم ايها الاحبة على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم.
*******

الصبر في سيرة النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) التواضع في سيرة الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)

الصبر في سيرة النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) التواضع في سيرة الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
والصلاة والسلام على خير البرية والانام محمد وآله البررة الكرام ...
واهلاً بكم ـ مستمعينا الاكارم ـ في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.

مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان الصبر من الصفات البارزة في شخصية النبي(ص) الذي تلقى المحن والكوارث من قريش بالصبر فقد كذبوه وحاربوه وحاربوا من آمن برسالته ولما فجع بولده الوحيد ابراهيم وقف على جثمانه وقال: "يا ابراهيم تدمع العين، ويحزن القلب ولا نقول الا ما يرضي الرب، وانا بك يا ابراهيم لمحزونون" وواجه المصاب الاليم بصبر وثبات وتسليم لامر الله تعالى.
ولما استشهد عمه الشهيد حمزة(ع) حزن عليه النبي(ص) وصبر على فادح المصيبة حيث مثل به اقسى تمثيل، وفي يوم احد تفرق الناس عنه، ولم يمكث معه الا اخوه وابن عمه الامام امير المؤمنين(ع) وقد اصيب صلوات الله عليه بحجر فشج رأسه وغمر الدم وجهه الشريف وصمد صابراً في المعركة حتى عاد بعض المسلمين وتراجع المشركين.
ومرت به ذلك من الاحداث القاسية التي المت به حيث تسلح بالصبر حتى فتح الله تعالى له الفتح المبين ونصره على اعدائه واذل قريشاً التي حاربته.
يقول الامام الصادق(ع) ان الله عز وجل بعث محمداً(ص) وامره بالصبر فقال: "واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً" (المزمل - 10).
اجل مستمعينا الافاضل ـ لقد رباه الباري تعالى بكل فضيلة وامره ان يصبر على ما عاناه من البلاء من قومه، وقال عز من قائل: "واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الامور" (لقمان - 17).
واما الآن ـ مستمعينا الاعزاء ـ ننتقل معاً الى رحاب الامام علي بن موسى الرضا(ع) ونذكر قبساً من اخلاقه الشريفة فانها صورة مشرقة عن اخلاق جده رسول الله(ص) الذي بعث ليتمم مكارم الاخلاق وينقذ الانسان من اوحال الجاهلية واوثانها ...
لقد ذكر التاريخ باحرف من نور ان الامام الرضا(ع) لما تقلد ولاية العهد وهي من ارقى المناصب في الدولة العباسية الممتدة الاطراف في معظم انحاء الارض لم يأمر احداً من مواليه وخدمه في الكثير من شؤونه وانما كان يقوم بنفسه في خدمة نفسه.
وقد احتاج في يوم من الايام الى الحمام فكره ان يأمر احداً بتهيئته له، ومضى الى حمام البلد، ولم يكن صاحبه يظن ان ولي العهد يأتي الى حمام البلد فان حمامات الملوك في قصورهم، ولما دخل الامام الى الحمام بصر به جندي لا يعرفه فامره ان يصب الماء على رأسه وينظفه ففعل الامام ذلك، وفي هذا الوقت دخل الحمام رجل كان يعرف الامام(ع) فرآه يقوم بتنظيف الجندي، فصاح بالاخير قائلاً: هلكت اتستخدم ابن بنت رسول الله(ص) فذعر الجندي واقبل على الامام متضرعاً قائلاً: يا بن رسول الله هلا عصيتني اذا امرتك؟ فتبسم الامام وقال له بلطف ورفق: "انها لمثوبة، وما اردت ان اعصيك فيما اثاب عليه".
مستمعينا الاكارم ـ شكراً لكم على حسن المتابعة ونسأله تعالى ان يجعلنا واياكم من المتخلقين باخلاق النبي(ص) وآله الاطهار انه سميع مجيب. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
******

التواضع في سيرة النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) الحلم وسعة الصدر في سيرة الامام الحسن (عليه السلام)

التواضع في سيرة النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) الحلم وسعة الصدر في سيرة الامام الحسن (عليه السلام)
الكرم والجود في سيرة الامام السجاد والحسين (عليهما السلام)
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ...

السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في هذا اللقاء المتجدد معكم آملين ان تقضوا مع فقرات البرنامج وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من معالي اخلاق المصطفى(ص) التواضع وقد روى المؤرخون صوراً رائعة من تواضعه كان منها ما رواه عدي بن حاتم قال: دخلت على رسول الله(ص) وهو في المسجد فسلمت عليه فقال: من الرجل؟ قلت: عدي بن حاتم فقام فانطلق بي الى بيته ... ويستمر عدي بن حاتم في روايته قائلاً: فلقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف(ص) طويلاً وهي تكلمه في حاجتها فقلت والله ما هذا بملك، ثم مضى بي الى بيته فتناول وسادة من ادم محشوة ليفاً فقدمها لي وقال: اجلس عليها، فقلت: بل انت اجلس عليها، فقال: بل انت فجلست عليها وجلس هو على الارض، فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك.
وكانت هذه ـ مستمعي الكريم ـ طبيعته(ص) في الابتعاد عن جميع مظاهر التكبر على الناس.
وروي ايضاً في تواضع النبي(ص) انه زار سعد بن عبادة فلما انصرف عنه قدم له سعد حماراً وامر ابنه قيساً بمصاحبته، فقال له النبي(ص): اركب معي، فابى قيس فقال له النبي: اما ان تركب واما ان تنصرف، لقد كره ـ صلوات الله عليه ـ ان يركب وقيس يمشي خلفه فان في ذلك اظهاراً للتكبر والتعالي على الآخرين وهو ينفر من ذلك.
والآن ـ مستمعينا الافاضل ـ ننتقل الى حفيد رسول الله(ص) الامام الحسن(ع) الذي كان متميزاً بالحلم وسعة الصدر كجده وابيه "عليهم الصلاة والسلام" وكان يقابل المسيء بالعفو والاحسان ومن آيات حلمه انه مر بالامام(ع) شخص من اهل الشام ممن خدعهم معاوية وغذاهم بالكراهية والحق على اهل البيت(ع) ... فقابل ذلك الرجل الامام بالسب والشتم وهو ساكت لا يرد عليه شيء، وبعد فراغه من ذلك قابله الامام(ع) بابتسامة فياضة بالبشر قائلاً له: ايها الشيخ اظنك غريباً، لو سالتنا اعطيناك، ولو استرشدتنا ارشدناك ولو استحملتنا حملناك، وان كنت جائعاً اطعمناك، وان كنت محتاجاً اغنيناك، وان كنت طريداً آويناك. وما زال الامام الحسن(ع) يلاطف الرجل الشامي بناعم القول وطيب الكلام حتى ذهل الرجل ولم يطق جواباً، وبقي حائراً كيف يعتذر للامام ويمحو ما اقترفه من ذنب وراح يقول: الله اعلم حيث يجعل رسالته فيمن يشاء، وفي رواية اخرى ورد ان الشامي انصرف وهو يقول: والله ما على وجه الارض احب الي منه.
مستمعينا الاعزاء ـ وفي ختام البرنامج نذكركم قبساً من اخلاق الامام علي بن الحسين السجاد(ع) في الجود والكرم حيث نقل الرواة ان محمداً بن اسامة بن زيد مرض فعاده الامام(ع) ولما استقر به المجلس اجهش محمد بالبكاء، فقال له الامام(ع) ما يبكيك؟ قال: عليَّ دين، فقال الامام، كم هو؟ قال: خمسة عشر الف دينار فقال الامام: هي عليَّ، ولم يقم الامام(ع) من مجلسه حتى دفعها له وقد ازال همه ووفى دينه، وقبله حدثت نفس المكرمة مع ابيه اسامة ... حيث دخل عليه الامام الحسين(ع) عائداً له في مرضه فشكى اليه دينه البالغ مئة الف دينار فسددها الامام(ع) ودفعها له في نفس الوقت.
وقبل ان نودعكم ـ ايها الاحبة الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

زهد النبي الاكرم (صل الله عليه وآله)حلم الامام الحسين (عليه السلام)

زهد النبي الاكرم (صل الله عليه وآله)حلم الامام الحسين (عليه السلام)
صبر الامام الباقر (عليه السلام)
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ...

السلام عليكم ـ ايها الاحبة الكرام ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا، نرجو ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان من صفات النبي(ص) الزهد في جميع متع الدنيا فقد آثر الفقر على الغنى والضيق على السعة وقد روى ابن عباس(رض) قال: كان رسول الله(ص) يبيت هو واهله الليالي المتتابعة طاوياً لا يجدون عشاءً وروي انه دخل رجل على النبي(ص) فرآه جالساً على حصير قد اثر في جسمه، ووسادة من ليف اثرت في خده فجعل الرجل يقول: ما رضي بهذا كسرى ولا قيصر، انهم ينامون على الحرير والديباج وانت على هذا الحصير فقال له النبي(ص) : ما انا والدنيا انما مثلها كمثل راكب مر على شجرة ولها فيء فاستظل تحتها فلما مال الظل عنها ارتحل وتركها. وفي رواية اخرى قيل ان رجلاً من الانصار اهدى الى النبي(ص) صاعاً من رطب قد حملته جاريته فقال لها النبي(ص): انظري هل تجدين في البيت قصعة او طبقاً فتأتيني به وذلك ليضع فيه الرطب، فذهبت فلم تجد فيه شيئاً فاخبرت النبي بذلك فكنس موضعاً بثوه وامرها ان تضع الرطب فيه وقال: والذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل عند الله تعالى جناح بعوضة ما اعطي منها الكافر والمنافق شيئاً.
مستمعينا الاعزاء ـ لقد ورد في الروايات ان رجلاً قال للحسين بن علي(ع): يا بن رسول الله انا من شيعتكم، فقال(ع): اتق الله ولا تدعين شيئاً يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك ان شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل ولكن قل انا من مواليكم ومن محبيكم.
مستمعينا الاكارم ـ لقد كان من معالي اخلاق الامام الحسين(ع) الحلم فقد قابل المسيء له بالعفو والاحسان كجده رسول الله(ص) الذي وسع الناس جميعاً بسمو اخلاقه، وقد شاع حلم الامام وتحدث الناس فيه، ومن امثلته ان بعض مواليه جنى جناية تستحق التأديب فانبرى اليه العبد قائلاً: يا مولاي ان الله تعالى يقول: "والكاظمين الغيظ". فقابله الامام(ع) بابتسامة مشرقة وقال: "كظمت غيظي" وسارع العبد قائلاً: "والعافين عن الناس"، فقال له الامام: قد عفوت عنك... خلوا عنه فقد كظمت غيظي، وانبرى العبد يطلب المزيد من الاحسان قائلاً: "والله يحب المحسنين"، فقال الامام(ع): انت حر لوجه الله ثم امر له بجائزة سنية تغنيه عن الحاجة ومسألة الناس.
نعم مستمعي الكريم ـ لقد كان هذا الخلق الرفيع من صفات الامام الاساسية التي لم تنفك عنه، وظلت ملازمة له طوال حياته الشريفة.
وفي ختام البرنامج نذكر قبساً من اخلاق الامام ابي جعفر محمد الباقر(ع) في الصبر فقد كان له ولداً اثيراً عليه فمرض فتألم عليه حتى خشي عليه، وحين توفي الولد سكن روعه فقيل له: خشينا عليك يابن رسول الله؟ فأجاب(ع) باطمئنان ورضى بقضاء الله قائلاً: "انا ندعو الله فيما يحب، فاذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما يحب". لقد تسلح الامام(ع) بالصبر، وقابل نوائب الدنيا بارادة صلبة من غير ضجر ولا سأم محتسباً الاجر عند الله تعالى.
وفي الختام ـ ايها الاحبة الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صور من خشية النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) من الله عزوجل وانابته له صور من إحسان الامام السجاد (عليه السلام)

صور من خشية النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) من الله عزوجل وانابته له صور من إحسان الامام السجاد (عليه السلام) للناس وإهتمامه بقضاء حوائجهم
صور من حلم وعلو خلق الامام الباقر (عليه السلام)
والصلاة والسلام على حبيب اله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين....

السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا، نرجو ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاكارم ـ لقد كانت من صفات النبي(ص) المهمة الانابة الى الله تعالى والخوف الشديد منه، يقول الامام الصادق(ع): ما كان شيء احب الى رسول الله(ص) من ان يظل خائفاً جائعاً في الله عز وجل، وقد روى ابن عمر قال: انا كنا نعد في مجلس رسول الله(ص) يقول مئة مرة: "رب اغفر لي انك التواب الغفور". ولقد اناب(ص) الى الله تعالى وارهق نفسه ارهاقاً شديداً في عبادته حتى نزل عليه الوحي بهذه الآية: "طه / ما انزلنا عليك القرآن لتشقى" (طه1-2). وقد فاق جميع الانبياء بكثرة عبادته وقد روى ابن مسعود قال: قرأت على رسول الله(ص) من سورة النساء فلما بلغت هذه الآية: "فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً" (النساء 41). ففاضت عيناه من الدموع لقد تفاعل وتعلق(ص) بالله تعالى وذلك ناجم عن معرفته الكاملة بالله عز وجل خالق الكون وواهب الحياة.
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من معالي اخلاق الامام علي بن الحسين(ع) زين العابدين البر بالناس والاحسان اليهم، فقد كان قلبه الشريف يفيض بالرحمة والحنان عليهم، وكان من عظيم احسانه انه اذا علم ان على احد ديناً وله به مودة سارع فادى عنه دينه، ومن سمو ذاته(ع) انه كان يبادر لقضاء حوائج الناس، وقد قال: ان عدوي يأتيني بحاجة فأبادر الى قضائها خوفاً من ان يسبقني احد اليها او يستغني عنها فتفوتني فضيلتها وروى الزهري قال: كنت عند علي بن الحسين(ع) فجاء رجل من اصحابه فقال له: اني اصبحت وعلي اربعمائة دينار دين ولا اتمكن من قضائها وعندي عيال، ولم يكن عند الامام شيء من المال ليسعفه به فبكى وقال: اية محنة او مصيبة اعظم على حر مؤمن من ان يرى باخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها، وهكذا كان الاحسان صفة راسخة عند هذا الامام العظيم الذي لم يخلق مثله سوى آبائه العظام الذين خلقوا للفضيلة والاحسان والبر بالناس.
واما الامام ابو جعفر الباقر(ع).
مستمعي الكريم ـ فقد كان معروفاً بالحلم ومقابلة الاساءة بالصفح والاحسان وقد روى المؤرخون صوراً من حلمه كان منها ان كتابياً هاجم الامام وخاطبه بمر القول قائلاً له: انت بقر، فتبسم الامام وقال له بلطف: لا انا باقر وهاجم الكتابي الامام مرة اخرى قائلاً: انت ابن الطباخة، فأجابه الامام، تلك حرفتها، وراح الكتابي يعتدي على الامام قائلاً: انت ابن السوداء الزنجية البذية، فلم يغضب الامام(ع) وكظم غيضه وقال له: ان كنت صدقت غفر الله لها، وان كنت كذبت غفر الله لك. وبهت الكتابي من هذه الاخلاق الرفيعة التي تضارع اخلاق الانبياء فاعلن اسلامه.
وفي الختام ـ ايها الاحبة الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

قبسة من حياء النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) وزين العابدين (عليه السلام)

قبسة من حياء النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) وزين العابدين (عليه السلام)
إهتمام الامام الصادق (عليه السلام) بمعونة المحتاجين سراً
تقديم الامام علي (عليه السلام) لغلامه قنبر على نفسه في الملبس
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى محمد وعلى آل بيته الطيبين الاطهار ...

السلام عليكم ـ مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً ومرحباً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعي الكريم ـ لقد كان من صفات النبي(ص) الحياء، قال ابو سعيد الخدري: كان رسول الله(ص) اشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان من شدة حيائه انه لما فتح مكة التي كانت مركزاً للقوى المعادية له، دخلها وقد حفت به قواته المسلحة لكنه كان لا يحدق النظر في رجال قريش لكي لا يثير فيهم الشعور بالخجل والانكسار رغم ان قريشاً هي التي جهدت على مناجزته فخاطبهم(ص) بناعم القول: "اذهبوا فانتم الطلقاء". وكان من حيائه انه لم يكن يصرح باسم من يكرهه وانما يقول: ما بال اقوام يقولون او يصنعون كذا... وكان يقول(ص) الحياء والايمان مقرونان في قرن واحد، فاذا سلب احدهما تبعه الآخر.
وورث هذه الظاهرة الائمة المعصومون(ع) وبالاخص سبطه الامام زين العابدين السجاد(ع) وفيه يقول الفرزدق في رائعته:
يغضي حياءً ويغضى من مهابته
فما يكلم الا حين يبتسم
ان الحياء ـ مستمعي العزيز ـ من الصفات النبيلة وهو ينم عن سمو الذات وشرف النفس وهو من الصفات الاصيلة لخاتم الانبياء(ص).
مستمعينا الافاضل ـ لقد كانت الصدقات في السر وفي غسق الليل من مناهج ائمة اهل البيت(ع) لانها من الاعمال الخالصة لله تعالى لا يشوبها أي غرض من اغراض الدنيا وكان كل واحد من الائمة العظام يعول جماعة من الفقراء وهم لا يعرفونه وكان الامام الصادق(ع) يحمل جراباً فيه الخبز واللحم والدراهم ويذهب به الى اهل الحاجة من فقراء المدينة فيقسمه فيهم وهم لا يعرفونه، فلما انتقل الامام(ع) الى رحمة الله تعالى افتقدوا تلك الصلات فعلموا انها منه، وهكذا كان جده زين العابدين(ع) ومن صلاة الامام الصادق(ع) السرية ما رواه اسماعيل بن جابر قال: اعطاني ابو عبد الله خمسين ديناراً في صرة وقال لي: ادفعها الى شخص من بني هاشم ولا تعلمه اني اعطيتك شيئاً فاتيته ودفعتها له، فقال لي من اين هذه؟ فاخبرته انها من شخص لا يقبل ان تعرفه، فقال العلوي: ما يزال هذا الرجل كل حين يبعث بمثل هذا المال فنعيش به الى الآن، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم مع كثرة ماله.
مستمعينا الاعزاء ـ وقد ذكرت اخبار كثيرة تحث على صدقة السر.
ونختم البرنامج ـ مستمعينا الافاضل ـ بذكر منقبة من مناقب امير المؤمنين علي(ع) في الاخلاق السامية التي تدل على سمو ذاته حيث قدم خادمه قنبر على نفسه في لباسه وطعامه فقد اشترى(ع) ثوبين احدهما بثلاثة دراهم والاخر بدرهمين واعطى الثوب الذي اغلى ثمناً لقنبر فقال له: انت اولى به يا امير المؤمنين انت تصعد المنبر وتخطب فقال له امير المؤمنين(ع): انت شاب ولك شرخ الشباب وانا استحي من ربي ان اتفضل عليك.
نعم ـ مستمعي الكريم ـ هذه هي النفس الملائكية التي سمت في سماء العدل فاضاءت الدنيا بكمالها وسمو آدابها ونكرانها للذات.
وفي الختام شكراً لكم ـ ايها الاعزاء ـ على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) أشجع الخلق صورة من زهد الامام الرضا (عليه السلام) وسخائه

النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) أشجع الخلق صورة من زهد الامام الرضا (عليه السلام) وسخائه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الاطهار وعلى صحبه المنتجبين الاخيار..
السلام عليكم ـ ايها الاكارم ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...

مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان النبي الكريم محمد(ص) اشجع الناس واقواهم شكيمة وقد تحدث الامام علي(ع) عن شجاعته بقوله: "انا كنا اذا اشتد البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله(ص) فما يكون احد اقرب الى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ به وهو اقرب منا الى العدو وكان من اشد الناس بأساً". وروى العباس عن شجاعة النبي(ص) بقول: لما التقى المسلمون والكفار يوم حنين ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله(ص) يركض ببغلته نحو الكفار وانا آخذ بلجامها، الفها ان لا تسرع، وقد دل ذلك على استهانته بالقوى الملتفة التي احاطت بالمسلمين من جميع جهاتهم في واقعة حنين، وقال عمر بن حصين: ما لقي رسول الله(ص) كتيبة الا كان اول من يضرب ولما رآه ابي بن خلف يوم احد جعل يقول: اين محمد لا نجونا ان نجا، ولما شاهده شد عليه، فاعترضه رجال، فامرهم النبي ان يخلوا عنه، وتناول النبي حربة من الحارث فطعنه في عنقه طعنة كادت تهوي به عن فرسه، ثم انهزم وقفل راجعاً الى قريش، رافعاً عقيرته قائلاً: قتلني محمد وهم يقولون له لا بأس بك، فقال: لو كان جميع الناس لقتلهم محمد.
مستمعينا الاكارم ـ لقد كان من ذاتيات الامام الرضا(ع) الزهد في الدنيا والاعراض عن مباهجها وزينتها، ومن مظاهر زهده ما رواه محمد بن عباد قال: كان جلوس الرضا(ع) على حصير في الصيف وعلى مسح في الشتاء ـ وهو الكساء من الشعر ـ وكان لباسه الغليظ من الثياب حتى اذا برز للناس تزين لهم وقد التقى به سفيان الثوري فرآه قد لبس ثوباً من الخز فانكر عليه ذلك وقال له لو لبست ثوباً ادنى من هذا؟ فاخذ الامام يده برفق وادناه من كمه فاذا تحت ذلك الثوب مسح وقال(ع) له: الخز للخلق والمسح للحق، لقد كان الزهد في الدنيا من ابرز اخلاق الامام(ع) وكان من مظاهر زهده انه لما تقلد ولاية العهد لم يحفل باي مظهر من مظاهر السلطة مبتعداً عن جميع مظاهر العلو والترف.
واما السخاء ـ مستمعي الكريم ـ فهو طبيعة متأصلة عند اهل البيت(ع) وقد كان الامام الرضا(ع) احب شيء اليه في الدنيا البر بالفقراء وقد ذكر المؤرخون بوادر كثيرة من جوده وكرمه كان منها: انه انفق جميع ما كان عنده على الفقراء في يوم عرفة حينما كان في خراسان فانكر عليه الفضل بن سهل وقال: ان هذا لمغرم؟ فاجابه الامام(ع) بل هو المغنم، لا يعد مغرماً ما ابتغيت به اجراً وكرماً.
وهكذا ـ مستمعي العزيز ـ نتعلم من الامام التقي علي بن موسى الرضا(ع) ان انفاق المال في سبيل الله تعالى ليس مغرماً وانما هو مغنم يتقرب به العبد الى الله تبارك وتعالى وهذا هو المغنم الذي فيه الخير العميم.
وفي الختام ـ ايها الكرام ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونتمنى لكم حياة مليئة بالخير والسعادة والتوفيق.
وحتى اللقاء نستودعكم الباري عز وجل الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

العدل في سيرة النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) التواضع في سيرة الامام علي (عليه السلام)

العدل في سيرة النبي الاكرم (صل الله عليه وآله)  التواضع في سيرة الامام علي (عليه السلام)
الاقبال على العبادة في سيرة الامام الكاظم (عليه السلام)
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ...

السلام عليكم ـ مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان من معالي اخلاق النبي(ص) وسمو ذاته العدل، فقد فطر عليه وهو من اهم بنود رسالته المشرقة الهادفة الى نشر العدالة الاجتماعية بين الناس وقد قال له بعض الجهلاء اعدل يا محمد فرد عليه: (ويحك فمن يعدل ان لم اعدل، قد خبت وخسرت اذا لم اعدل)، وكان من عدله(ص) انه لا يأخذ احداً بذنب احد ولا يصدق احداً على احد، وقد نشر العدل بجميع رحابه وصنوفه بين الناس فلم يميز احداً على احد وساوى بين الجميع في الحقوق والواجبات ولم يستثن منهم أي احد واقام نظامه على اروع صور العدل الذي فيه حياة الناس وصيانة حقوقهم وامنهم ورخائهم.
مستمعينا الاعزاء ـ وأما اخو رسول الله وتلميذه البار علي "صلوات الله عليهما" وعلى ابنائهما الطاهرين فقد كان خلقه التواضع، ولكن للفقراء والمستضعفين لا للاغنياء والمتكبرين، وقد ورد انه وفد عليه رجل مع ابنه وحلا عنده ضيفين فامر لهما بطعام وبعد الفراغ من تناولهما له بادر الامام فأخذ ابريقاً ليغسل يد الاب، ففزع الرجل وقال: كيف يراني الله وانت تصب الماء على يدي؟ فاجابه الامام برفق ولطف: ان الله يراني اخاك الذي لا يتميز منك، ولا يتفضل عنك ويزيدني بذلك منزلة في الجنة، وانصاع الرجل الى كلام الامام فمد يده وصب عليها الامام الماء ولما فرغ ناول الابريق الى ولده محمد بن الحنفية وقال له: لو كان هذا الابن حضرني دون ابيه لصببت الماء على يده، ولكن الله يأبى ان يسوي بين الابن وابيه، وانبرى محمد بن الحنفية فغسل يد الولد.
وهذه الاخلاق العلوية ـ مستمعي الكريم ـ مقتبسة من اخلاق الرسول الاعظم(ص) الذي بعثه الله تبارك وتعالى ليتمم مكارم الاخلاق.
ومسك الختام في هذه الحلقة من البرنامج الحديث عن شغف الامام موسى الكاظم(ع) بعبادة الله تعالى وطاعته حتى صارت من مقومات حياته، وقد روت شقيقة السندي بن شاهك حينما سجن الطاغية هارون العباسي الامام في بيت اخيها، روت كيفية عبادة الامام(ع) فقالت: انه اذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه الى ان يزول الليل، ثم يقوم ويصلي حتى يطلع الصبح، فيصلي الصبح، ثم يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم يقعد الى ارتفاع الضحى، ثم يرقد ويستيقظ قبل الزوال، ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر، ثم يذكر الله تعالى حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه الى ان مات.
فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً في الخالدين مع آبائه وابنائه الطيبين الطاهرين المعصومين.
وفي الختام ـ ايها الاحبة الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

شمولية الرأفة والرحمة في سيرة رسول الله (صل الله عليه وآله)صورة من رأفة الامام علي (عليه السلام)

شمولية الرأفة والرحمة في سيرة رسول الله (صل الله عليه وآله)صورة من رأفة الامام علي (عليه السلام) بالمؤمنين (عيادته لصعصعة)
كرم الامام الجواد (عليه السلام) وإغاثته للملهوفين
والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين ...
السلام عليكم ... مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...

مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من صفات الرسول(ص) واخلاقه الرحمة والرأفة لجميع الناس مؤمنين وكافرين وقد عمت رحمته قريشاً الذين ما تركوا لوناً من الوان الاذى والتنكيل الا قابلوه به ولما اشتدوا في تعذيبه دعا له قائلاً: "اللهم اهدِ قومي فانهم لا يعلمون"، وتحدث(ص) عن نفسه وما يحمله في طياتها من الرحمة قائلاً: انما انا رحمة مهداة.
نعم ـ مستمعي الكريم ـ انه فيض من رحمة الله تعالى لعباده فلم يقابل أي شخص اساء اليه بسوء وانما قابله بالاحسان لينزع عن نفسه نزعات البغي والشر وقد سخر منه بعض زعماء العرب حينما رآه يوسع سبطه الحسين(ع) تقبيلاً وهو طفل فساله عن علاقته به اخبره انه سبطه فانكر الرجل ذلك وقال: يا رسول الله عندي عشرة اطفال من ابنائي ما قبلت منهم واحداً فقال النبي(ص): (وما علي منك ان نزع الله تعالى الرحمة من قلبك).
مستمعي الكريم ـ لقد كان من معالي اخلاق الامام علي(ع) عيادته للمرضى وكان يحث اصحابه على ذلك وقد قال لهم: من اتى اخاه المسلم يعوده مشى في خرافة الجنة "أي ثمارها" فاذا جلس غمرته الرحمة، وقد مرض صعصعة وهو من خلص اصحابه فاطرى عليه الامام(ع) قائلاً: والله ما علمتك الا خفيف المؤونة حسن المعونة، فاجابه صعصعة: وانت يا امير المؤمنين، ان الله في عينك لعظيم وانك بالمؤمنين لرحيم، وانك بكتاب الله لعليم ولما اراد الامام(ع) الخروج قال له: يا صعصعة لا تجعل عيادتي فخراً على قومك فان الله تعالى لا يحب كل مختال فخور. لقد تنكر الامام(ع) لجميع الوان الفخر ومظاهر العظمة وآمن ايماناً مطلقاً بان الذي يستحق العظمة انما هو الله تعالى لا غيره.
ونختم البرنامج ـ مستمعي العزيز ـ بذكر قبس من اخلاق الامام الجواد(ع) الذي لقب بالجواد لكثرة معروفه واحسانه الى الفقراء والمحتاجين وقد ذكر المؤرخون صوراً كثيرة من كرمه كان منها: ان احمد بن حديد خرج مع جماعة من اصحابه الى الحج، فهجم عليهم عصابة من السراق فنهبوا ما عندهم من اموال ومتاع، ولما انتهوا الى المدينة انطلق احمد الى الامام الجواد(ع) فاخبره بما جرى عليهم فامر له بكسوة واعطاه دنانير ليوزعها على اصحابه، وكانت بقدر ما نهب منهم، لقد انعم عليهم الامام(ع) ورد عليهم ما سلب منهم.
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ نشكر لكم حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
******

وفاء النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) لخديجة الكبرى (عليها السلام)عبادة الزهراء (سلام الله عليها)

وفاء النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) لخديجة الكبرى (عليها السلام)عبادة الزهراء (سلام الله عليها) ودعائها للآخرين قبل نفسها
الامام السجاد (عليه السلام) وإرشاد الناس للإلتجاء لله سبحانه وتعالى

والصلاة والسلام على حبيب آله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الهداة الميامين ...
السلام عليكم ـ ايها الاحبة الكرام ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...

مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من معالي اخلاق النبي(ص) الوفاء فقد كان من اوفى الناس لمن احسن اليه، ومن وفائه انه كان يذكر دوماً زوجته ام المؤمنين خديجة(رض) التي ما تركت لوناً من الوان البر والاحسان الا قدمته اليه، فقد وقفت الى جانبه ايام محنة الاسلام وغربته وقدمت جميع ما تملكت من الثراء العريض لخدمة الاسلام، وقد شكر النبي(ص) هذا الاحسان فكان يذكرها دوماً بمزيد من التبجيل والتعظيم بعد وفاتها، وكان اذا ذبح شاة تخير اطيب ما فيها من لحم وبعثه الى صديقات خديجة، وقد زارته في مرة من المرات هالة اخت خديجة فلما سمع صوتها فرح ورحب بها غاية الترحيب وراح يردد بلطف ومحبة: هالة اخت خديجة.
واما الآن ـ مستمعي الكريم ـ فنذكر قبساً من اخلاق ريحانة رسول الله(ص) الزهراء البتول(ع) وهو انقاطعها الكامل الى الله تعالى فقد اعتصمت به ولجأت اليه في جميع امورها وقد تجلى في عبادتها وقد تحدث الامام الحسن(ع) عن عبادتها وايمانها العميق بالله تعالى قال: (رأيت امي فاطمة(ع) في محرابها ليلة فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر من الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء)، فقلت لها: (يا اماه، لم لا تدعين لنفسك)؟ فقالت(ع): (يا بني الجار ثم الدار) واما حفيدها الامام علي بن الحسين السجاد(ع) فقد كان من ابرز اخلاقه الشريفة الانابة الى الله تعالى والانقطاع اليه وقد اخلص في طاعته لله تعالى كأعظم ما يكون الاخلاص وايقن ان الالتجاء لغيره تعالى انما هو الخيبة والخسران، وقد اجتاز على رجل جالس على باب رجل من الاثرياء فبادره الامام قائلاً: (ما يقعدك على باب هذا المترف الجبار)؟ فأجاب الرجل: البلاء الي الفقر والحاجة، فقال له الامام(ع): (قم فأرشدك الى باب خير من بابه والى رب خير لك منه)، واستجاب الرجل فنهض مع الامام وسار به حتى انتهى الى مسجد رسول الله(ص) فقال له: استقبل القبلة وصل ركعتين، وارفع يديك بالدعاء الى الله تعالى، وصل على نبيك، ثم ادع بآخر سورة الحشر، وست آيات من اول سورة الحديد، وبالآيتين في اول سورة آل عمران، ثم سل الله تعالى سبحانه، فانك لا تسأله شيئاً الا اعطاك.
ومن المؤكد ـ مستمعينا الافاضل ـ ان الالتجاء الى الله تعالى هو مفتاح النجاح والوسيلة الكبرى لقضاء المهمات والالتجاء الى غيره انما هو سراب وضياع.
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ ندعوه تعالى ان يوفقنا واياكم لما يحب ويرضى انه سميع مجيب.
ونشكركم على حسن المتابعة، وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري عز وجل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صور من أريحية النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) وملاطفات تواضع الامام الحسن (عليه السلام)

صور من أريحية النبي الاكرم (صل الله عليه وآله) وملاطفات تواضع الامام الحسن (عليه السلام) ومواكلته للفقراء ومجالسته لهم
زهد الامام الكاظم (عليه السلام)

وصلى الله على سيدنا وحبيب قلوبنا محمد المصطفى وعلى آله الهداة الاطهار...
السلام عليكم ـ مستمعينا الكرام ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...

لقد كانت من اخلاق الرسول الكريم محمد(ص) الاريحية وملاطفة الناس بما تطيب به نفوسهم واليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ نماذج من ذلك جاءه شخص فيه بله فقال: يا رسول الله احملني على جمل فقال له: احملك على ابن الناقة فانكر ذلك وقال له: ما عسى ان يغني عني ابن الناقة؟ فاجابه الرسول(ص) مبتسماً: هل يلد الجمل الا ابن الناقة. وفي مرة من المرات جاءته عجوز وطلبت منه(ص) ان يدعو الله تعالى لها بالجنة فقال لها: ان الجنة لا تدخلها عجوز فولت باكية فقال(ص) اخبروها ان الجنة لا تدخلها عجوز ان الله تعالى يقول: "فجعلناهن ابكاراً / عرباً اتراباً".
اصبح النبي(ص) متغير اللون، فقال بعض اصحابه: لاضحكنه، وخف نحوه فقال له: بابي انت وامي بلغني ان الدجال يخرج والناس جياع فيدعوهم الى الطعام، افترى ان ادركته ان اضرب في ثريده حتى اذا تضلعت آمنت بالله تعالى وكفرت به ام اتنزه عن طعامه؟ فضحك النبي(ص) وكان ضحكه التبسم وقال له: بل يغنيك الله تعالى بما يغني المؤمنين.
مستمعينا الافاضل ـ لقد شابه الامام الحسن(ع) جده الرسول الاكرم(ص) في سمو اخلاقه التي كانت مثلاً للرحمة الالهية التي تملأ القلوب رجاءً ورحمة وهذه شذرات من معالي اخلاقه(ع) لقد كان الامام(ع) وحيد عصره في تواضعه ونكرانه للذات ومنها انه اجتاز على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الارض كسيرات من الخبز وهم يأكلون منها فدعوه الى مشاركتهم فاجابهم الى ذلك وهو يقول: ان الله لا يحب المتكبرين. ولما فرغ من تناول الطعام معهم دعاهم الى ضيافته فاطعمهم وكساهم واغدق عليهم ببره واحسانه، ومن تواضعه ايضاً(ع) انه مر على صبيان يتناولون الطعام فدعوه الى مشاركتهم فاجابهم الى ذلك ثم حملهم الى منزله فمنحهم بكرمه وجوده وقال: اليد لهم لانهم لم يجدوا غير ما اطعموني، ونحن نجد مما اعطيناهم.
ومن عظيم تواضعه(ع) انه كان جالساً في مكان واراد الانصراف منه فجاءه فقير فرحب به ولاطفه وقال له: انك جلست على حين قيام منا افتأذن لي بالانصراف؟ فقال الفقير للحسن(ع): نعم يا بن رسول الله.
ان التواضع ـ مستمعي الكريم ـ دليل على سمو النفس وكمالها وقد ورد في الحديث الشريف: ان التواضع لا يزيد العبد الا رفعة، فتواضعوا يرحمكم الله.
ونختم البرنامج بالحديث عن زهد الامام الكاظم موسى بن جعفر(ع) الذي تجرد عن رغبات الدنيا وزخارفها تماماً وعاش في الدنيا عيشة الفقراء، وقد تحدث عن زهده ابراهيم بن عبد الحميد فقال: دخلت عليه في بيته الذي كان يصلي فيه فاذا ليس في البيت شيء سوى خصفة وسيف معلق ومصحف ولم يكن زهده ناشئاً من الفقر فقد كان يملك البسرية وغيرها من الحقول الزراعية التي كانت تدر عليه بالاموال الطائلة، كما كانت تجبى له الاموال الطائلة من الحقوق الشرعية، الا انه كان ينفقها جميعاً في اعاشة الفقراء وخدمة الدين، ومن معالم زهده(ع) انه كان يتلو على اصحابه سيرة الصحابي العظيم ابي ذر الغفاري(رض) الذي كان المثل الاعلى في الزهد ونكران الذات حيث قال: (رحم الله ابا ذر، فقد كان يقول: جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير اتغذى باحدهما واتعشى بالآخر، وبعد شملتي الصوف اتزر باحداها واتردى بالآخر).
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

إجتناب الامام علي (عليه السلام) لمظاهر العلو شدة تعبد الامام الحسين(عليه السلام) لله

إجتناب الامام علي (عليه السلام) لمظاهر العلو شدة تعبد الامام الحسين(عليه السلام) لله
الامام زين العابدين (عليه السلام) وابعاد لاذى عن طريق المسلمين
والصلاة والسلام على حبيب الله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين...

السلام عليكم ـ ايها الاحبة الكرام ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان من اخلاق امير المؤمنين علي(ع) التواضع ومن تواضعه(ع) انه في رجوعه من صفين مر على دهاقين الانبار فقابلوه بمزيد من التعظيم والتكريم فانكر الامام ذلك وقال لهم: (والله ما ينتفع بهذا امراؤكم، وانكم لتشقون به على انفسكم وتشقون به على آخرتكم، وما اخسر المشقة وراءها العقاب وما اربح الراحة معها الامان من النار).
نعم مستمعي الكريم ـ ان المهرجانات الشعبية التي تقيمها الشعوب لملوكها ورؤسائها وتتضمن الزينة والتصفيق والتهليل هي في عرف الامام(ع) ضلال وانحراف عن الحق، وان الرؤساء كبقية افراد الشعب لا ميزة لهم عليهم، يقول الرواة لما قدم الامام(ع) من حرب الجمل مر بالمدائن فهرع اهلها لاستقباله، وعلت زغردة النساء فاستغرب(ع) وسألهم عن ذلك فقالوا له: انا نستقبل ملوكنا بمثل ذلك فقال لهم الامام بما مضمونه: انه ليس ملكاً وانما هو كبقية المواطنين، لا ميزة له عليهم سوى انه يقيم الحق والعدل في البلاد، ومكث(ع) جالساً في مكانه لم ينصرف حتى انصرف الناس الى اعمالهم. وكان من تواضعه(ع) انه لم يسمح لاي احد ان يسير خلفه لا من الشرطة ولا من غيرهم.
لقد كان من معالي اخلاق الامام الحسين(ع) انقطاعه الى الله تعالى واعتصامه به، وتفاعل حبه لله تعالى في عواطفه ومشاعره، يقول المؤرخون انه عمل كل ما يقربه الى الله زلفى، فكان كثير الصلاة والصوم والحج والصدقة وافعال الخير وهذه نماذج من تقواه(ع).
كان ابو الاحرار الحسين(ع) شديد الخوف من الله سبحانه حتى قال له بعض اصحابه: ما اعظم خوفك من ربك؟
فاجابه(ع): لا يأمن يوم القيامة الا من خاف الله تعالى في الدنيا. لقد كان الباري عز وجل نصب عينيه فلم يقم باي عمل من اعمال الخير الا لوجه الله تبارك وتعالى.
وكان الامام الحسين(ع) وكما ذكر ولده زين العابدين(ع) كثير الصلاة والصوم وانه كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة واكد ذلك ابن الزبير حينما علم باستشهاده فقال اما والله لقد قتلوه، كان طويلاً بالليل قيامه، كثيراً في النهار صومه، وقد حج سيد الشهداء(ع) بيت الله الحرام خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه.
واما الآن ـ مستمعينا الاعزاء ـ نتجه الى قمر آخر من اقمار اهل بيت النبوة وهو الامام علي بن الحسين السجاد(ع) الذي كان من معالي اخلاقه نكران الذات والتجرد من الانانية فلم يكن لها أي طابع في نفسه او سلطان عليه، ومن بودر ذلك انه اذا اراد السفر سافر مع قوم لا يعرفونه ليتولى خدمتهم، ولا يخدمه احد منهم، وسافر مرة مع جماعة لا يعرفونه وهو يخدمهم فبصر به رجل يعرفه فرفع صوته قائلاً: ويلكم اتعرفون هذا؟ قالوا لا نعرفه، فقال: هذا علي بن الحسين بقية الله تعالى في الارض وحجته على عباده، واسرع القوم نحو الامام(ع) يقبلون يديه قائلين: اتريد ان تصلينا نار جهنم، ما الذي حملك على هذا؟ فاجابهم بصوت خافت رقيق النبرات (كنت قد سافرت مع قوم يعرفونني فاعطوني برسول الله(ص) ما لا استحق، واني اخاف ان تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان امري احب الي).
ارأيتم ـ مستمعينا الاعزاء ـ هذا السمو والكمال، الذي تميز به الائمة الميامين من اهل البيت(ع) وكان من معالي اخلاق زين العابدين(ع) انه اذا مر بشارع ورأى ما يؤذي السائرين من حجر او مدر "والمدر هو الطين الذي لا رمل فيه" نزل عن دابته ونحاه بيده عن الطريق، كما انه اذا سار في الطريق على بلغته، لا يقول لاحد: الطريق، ويقول(ع): هو مشترك وليس لي ان انحي عنه احداً.
ان هذه الاخلاق ـ مستمعي العزيز ـ تحكي اخلاق جده رسول الله(ص) الذي غير مجرى تأريخ الارض بسمو اخلاقه.
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ نسأله تعالى ان يجعلنا واياكم من السائرين على نهج محمد وآله الاطهار(ع) انه سميع مجيب. ونشكركم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم.
*******

صور من تواضع امير المؤمنين (عليه السلام) وصراحته ونزاهته عن الغدر صور من عمل الامام الهادي (عليه السلام)

صور من تواضع امير المؤمنين (عليه السلام) وصراحته ونزاهته عن الغدر صور من عمل الامام الهادي (عليه السلام) بيده في المزرعة
صور من حلم الامام الباقر (عليه السلام) يهدي عدوه الشامي
صور من إطعام الطعام للناس في سيرة الكاظم (عليه السلام)
وصلى الله على صاحب الخلق العظيم محمد المصطفى وعلى آله المتقين الاخيار ...

السلام عليكم ـ ايها الاخوة والاخوات الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في هذا اللقاء المتجدد معكم آملين ان تقضوا مع فقرات البرنامج وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من اخلاق الامام علي(ع) كراهيته للمدح والاطراء، وقال لاحدهم حين اطراه: (انا دون ما تقول وفوق ما في نفسك). واذا مدحه رجل دعا ربه قائلاً: (اللهم انك اعلم بي منه، وانا اعلم منه بنفسي، فاغفر لي ما لا يعلم)، والشيء البارز والمتميز في اخلاق الامام(ع) التزامه المطلق بالصراحة والصدق في جميع شؤون حياته فلم يوارب ولم يخادع ولم يداهن في دينه وسار على منهج اخيه وابن عمه رسول الله(ص) ولو انه اعترف بالاعراف السياسية القائمة على الكذب والخداع لحصل على ملذات الدنيا ومتاعها الزائل، لكنه(ع) رفض تلك الاساليب الشيطانية المحرمة رفضاً تاماً، واصر على ان يسوس الامة على ضوء كتاب الله وسنة نبيه وليس على غيرهما من رصيد يستند اليه في عالم السياسة الاسلامية لقد زهد امير المؤمنين(ع) في جميع مغريات الحكم والسلطان وكان كثيراً ما يتنفس الصعداء من الالام التي صبها منافقوا قريش عليه، وقد سمعه الناس يقول: (واويلاه، يمكرون بي ويعلمون اني بمكرهم عالم، واعرف منهم بوجوه المكر، ولكني اعلم ان المكر والخديعة في النار، فاصبر على مكرهم، ولا ارتكب مثل ما ارتكبوا). ان الذي منعه ان يسير على وفق السياسة الماكرة انها في النار، وقد رد(ع) على من قال فيه انه لا دراية له في الشؤون السياسية وان معاوية خبير بها قال: (والله ما معاوية بادهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولو لا كراهية الغدر لكنت من ادهى الناس)، وعلى هذا الخلق الرفيع بنى الامام(ع) سياسته القائمة على الصدق والصراحة التي فيها رضا الباري عز وجل، وهذا هو السبب في خلوده مع اخيه الرسول الاكرم(ص) وابنائهم الاطهار واتباعهم الاخيار.
مستمعينا الافاضل ـ كان من معالي اخلاق الامام علي بن محمد الهادي ونكرانه للذات وتجرده من النزعات المادية انه كان يعمل في ارض له لاعاشة عياله، وقد رآه علي بن حمزة يعمل في ارضه وقد ابتلت قدماه من العرق فقال له: "جعلت فداك، اين الجرال؟"، فقال له الامام برفق واناة: (يا علي، قد عمل بالمسحاة من هو خير مني ومن ابي في ارضه)، فبهر الرجل وراح يقول: من هذا؟ فأجاب(ع): (رسول الله(ص) وامير المؤمنين، وآبائي كلهم عملوا بايديهم، وهو من عمل النبيين والمرسلين والاوصياء والصالحين).
نعم ـ مستمعي الكريم ـ ان العمل شعار الانبياء وهو مقدس في دين الاسلام الحنيف ولم يبعث الله تعالى نبياً الا كان عاملاً.
واما الآن ـ مستمعينا الكرام ـ فالى صورة رائعة من صور الحلم الذي تميز به الامام الباقر(ع) حيث روي ان شامياً كان يختلف الى مجلسه ويستمع محاضراته وقد اعجب بها فقال له: "يا محمد، انما اغشى مجلسك لا حباً مني اليك، ولا اقول ان احداً ابغض اليَّ منكم اهل البيت واعلم ان طاعة الله تعالى وطاعة امير المؤمنين في بغضكم ولكني اراك رجلاً فصيحاً، لك ادب وحسن لفظ فانما اختلف اليك لحسن ادبك"، ونظر اليه الامام بعطف وحنان وراح يغدق عليه ببره واحسانه حتى استقام الرجل وتبين له زيف الدعاية المضللة ضد اهل البيت(ع) فتبدل عقيدته من البغض للامام الى الولاء له وظل ملازماً له حتى حضرته الوفاة فاوصى ان يصلي عليه الامام(ع).
ونختم البرنامج ـ ايها الاحبة الكرام ـ بذكر قبس من اخلاق الامام التقي موسى بن جعفر الكاظم(ع) حيث كان يحث على سجية اطعام الطعام وكان(ع) يقول: من موجبات المغفرة اطعام الطعام.
اطعم(ع) اهالي المدينة اطعاماً شاملاً ثلاثة ايام فعابه على ذلك بعض الحساد فاجاب(ع): ما اتى الله نبياً من انبيائه شيئاً الا وقد اتى محمداً(ص) وزاده مالم يؤتهم. قال تعالى لسليمان بن داوود: "هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب" (ص 39).
وفي الختام ـ ايها الاحبة الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وحتى اللقاء القادم نرجو لكم كل خير ونستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

المساواة في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) الصبر في موقف الصادق (عليه السلام)

المساواة في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) الصبر في موقف الصادق (عليه السلام) عند وفاة ولده اسماعيل
السخاء في مجازاة الامام الكاظم (عليه السلام) للغلام الذي قدم له هدية
والصلاة والسلام على حبيب اله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الهداة الميامين ...

السلام عليكم ... مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من معالي اخلاق الامام علي(ع) في ايام حكمه مساواته للناس فقد ساوى في العطاء ولم يقدم القرشي على غيره الامر الذي نجم عنه ان تنكرت له اوساط المترفين من القرشيين واعلنوا التمرد على حكومته، فقد خالف الامام(ع) في سياسته ما سلكه غيره من تقديم بعض الطبقات في المجتمع على بعض وقد الزم امير المؤمنين(ع) عماله وولاته على الاقطار بتطبيق المساواة العادلة بين الناس في القضاء وغيره، وقد قال(ع) في احدى رسائله الى بعض عماله: "فاخفض لهم جناحك والن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم".
حقاً ـ مستمعي الكريم ـ هذا هو العدل الذي تنعم به الشعوب وتسود فيه الرحمة والخير.
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان الصبر من الاخلاق البارزة والمتميزة عند الامام جعفر الصادق(ع) حيث صبر على المحن التي ابتلي بها ايام الحكم الاموي الذي استهدف انتقاض اهل البيت(ع) فجعل سبهم من فرائض الدين وتتبع شيعة اهل البيت قتلاً وسجناً ومطاردة، ولما انقرضت دولة بني امية وتسلم الحكم بنو العباس صبوا على العلويين جميع الوان العذاب والاضطهاد حتى قال الشاعر:
تالله ما فعلت امية فيهم
معشار ما فعلت بنو العباس
فقد اجرم خليفة بني العباس المنصور الدوانيقي بدفن العلويين وهم احياء وهدم السجن عليهم وارتكب من الفضائح ما لا نظير لها في قسوتها وفضاعتها، ومن صبر الصادق(ع) ايضاً انه لما توفي ولده اسماعيل، وكان من اعز ابنائه وذلك لتقواه وورعه وعلمه وادبه دعا(ع) اصحابه فقدم لهم مائدة فيها افخر الاطعمة فقال بعض اصحابه وقد رأى صبر الامام ورباطة جأشه: يا سيدي لا ارى عليك اثراً من آثار الحزن على ولدك؟
فأجابه(ع): (مالي لا اكون كما ترون وقد جاء في خبر اصدق الصادقين يعني جده الرسول(ص) انه قال لاصحابه: "اني ميت واياكم").
واما الآن ـ مستمعي العزيز ـ فمع الامام موسى الكاظم(ع) حيث كان من اسخى الناس كاجداده الكرام عليهم السلام واكثرهم براً بالبؤساء والمحرومين، وكان معظم فقراء المدينة يرتعون بالنعم والعطايا التي منَّ الله تعالى بها عليه، وقد ذكر المؤرخون نماذج كثيرة من كرمه ومنها: ان الامام(ع) خرج ومعه حاشيته وبعض اولاده الى ضياعه الواقعة بوادي ساية وقبل ان يصل اليها استراحوا في بعض المناطق المجاورة لها وكان الوقت شديد البرد فخرج اليهم عبد زنجي وهو يحمل قدراً فوقف امام غلمان الامام فقال لهم: اين سيدكم؟
قالوا: هو ذاك، واشاروا الى الامام(ع) فقال: ابو من يكنى؟
قالوا: ابو الحسن، فوقف العبد امام الامام متضرعاً قائلاً: يا سيدي، هذه عصيدة اهديتها لك، فقبل الامام(ع) هديته وامره ان يضعها عند الغلمان، فوضعها عندهم ثم انصرف ولم يلبث حتى اقبل ومعه حزمة من الحطب وقال للامام: يا سيدي هذا حطب اهديته لك، فقبل الامام هديته وامره ان يلتمس له قبساً من النار فمضى وجاء به فاشعل الحطب ليقيهم البرد، وامر الامام(ع) بكتابة اسم العبد واسم مولاه ثم رحلوا الى الضياع فمكثوا فيها اياماً، ثم اتجهوا الى بيت الله الحرام فاعتمروا وبعد الفراغ امر الامام غلامه ان يفتش عن صاحب الخيمة، ومضى ففتش عنه حتى ظفر به فسلم عليه وسأله الرجل عن قدوم الامام "وكان من محبيه" فابى ان يخبره وغلب على ظنه ذهاب الامام الى مكة، وقفل غلام الامام راجعاً الى الامام وسار الرجل في اثره حتى قدم على الامام(ع) فسأله قائلاً: غلامك تبيعه؟
فقال الرجل: جعلت فداك، الغلام لك والضيعة، وجميع ما املك فقال الامام(ع) اما الضيعة فلا احب ان املكها. وجعل الرجل يتضرع الى الامام ويتوسل اليه بقبول الضيعة بالف دينار، فاعتق الغلام ووهب له الضيعة، كل ذلك كي يجازي الاحسان بالاحسان ويقابل المعروف بالمعروف، وقد وسع الله تعالى على العبد ببركة الامام الكاظم(ع) واصبح ابناؤه من اثرياء مكة.
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ شكراً جزيلاً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى الملتقى القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

الزهد في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام)كرم السيد الزهراء (سلام الله عليها)

الزهد في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام)كرم السيد الزهراء (سلام الله عليها) وإعانتها لجيرانها وكثرة صدقاتها
جود الامام المجتبي (عليه السلام) وأبيات منسوبة له في الكرم وإعانة المحتاجين
وصلى الله على سيدنا وحبيب قلوبنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ...

السلام عليكم ـ ايها الاخوة والاخوات ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا نرجو ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء لقد كان من سمو ذات امير المؤمنين علي(ع) وتكامل اخلاقه زهده في الدنيا وتحرره الكامل من اسر جميع متعها وزبارجها وزينتها، كيف لا وهو تلميذ رسول الله(ص) واخوه وابن عمه ووصيه وباب مدينة علمه، لقد سيطر(ع) على جميع رغبات النفس وعود نفسه البؤس والحرمان ولم يستجب لاية متعة من متع الحياة فكان من ازهد الناس كما يقول عمر بن عبد العزيز ولما تشرفت به الخلافة الاسلامية واشرقت الدنيا بحكومته بقي على سيرته يعيش في انحاء يثرب والكوفة عيشة الفقراء فلم يبن له داراً ولم يلبس من ناعم الثياب وانما كان يلبس ثياب الفقراء ويأكل اكلهم، وقد قيل له في ذلك فأجاب: "كيلا يتبيغ بالفقير فقره". قد احب (سلام الله عليه) ان يواسي الفقراء في فقرهم وبؤسهم حتى لا يجزعون من مرارة العيش. وقد ذكر المؤرخون والرواة صوراً مدهشة من زهد الامام(ع) لم يحدث التاريخ لها نظيراً الا في عهد وحياة الرسول الاكرم(ص).
وهذه صور منها روى عمر بن قيس قال: رئيَ علي وعليه ازار مرقوع فعوتب عليه فقال: (يقتدي به المؤمن ويخشع به القلب). وقال ابو اسحاق السبيعي: كنت قد حلمت ابي على عاتقه وامير المؤمنين علي بن ابي طالب يخطب، وهو يتروح بكمه، فقلت يا ابه، امير المؤمنين يجد الحر؟ فقال: (لا يجد حراً ولا برداً، ولكنه غسل قميصه وهو رطب، ولا له غيره فهو يتروح به).
واما الآن ـ مستمعينا الافاضل ـ فنتحدث عن بعض اخلاق المرأة المسلمة النموذجية الطاهرة المطهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(ع) بضعة الرسول(ص) حيث ذكر التاريخ باحرف من نور بانها كانت تطحن الحب من الحنطة والشعير لفقراء جيرانها ممن يعجزون عن الطحن، وقد عيرها بذلك خليفة بني العباس المسمى بالمعتز الذي لم يفقه من القيم الاسلامية شيئاً فرد عليه صفي الدين الحلي بقوله:
عيرتها بالرحى والزاد تطحنه
لا زال زادك حباً غير مطحون
وذكر التاريخ ايضاً انها(ع) كانت تستقي الماء بقربة فتحملها لضعفاء جيرانها من الذين لا يتمكنون من الحصول على الماء، وانها في ليلة زواجها من سيد الوصيين علي(ع) اهدى لها ابوها الرسول(ص) ثوباً لتلبسه، ولما اصبح الصبح جاء(ص) فلم ير عليها الثوب فسألها عن ذلك فقالت(ع): ابتاه، لقد طرقت عليَّ الباب فتاة فقيرة تطلب ثوباً، فأخذت ثوبي القديم لادفعه لها الا اني تذكرت قول الله تبارك وتعالى، «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون» (آل عمران، 92). وانا احب الثوب الجديد فآثرتها على نفسي، واعطيته لها.
لاحظ ـ مستمعي الكريم ـ ايَّة نفس ملائكية هذه النفس العظيمة التي مثلت الاسلام بجميع قيمه، انها نفس محمد(ص) الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين.
واما الآن فمع الامام الحسن المجتبى(ع) الذي كان من افذاذ العترة الطاهرة ومن نجومها المشرقة فهو ريحانة الرسول(ص) وسيد شباب اهل الجنة، ونتحدث عن بعض اخلاقه وهو السخاء والكرم، وقد تجلت هذه الظاهرة الكريمة باسمى صورها عنده(ع) حتى لقب بكريم اهل البيت الذين هم معدن الكرم والاحسان، وقد روى المؤرخون صوراً مشرقة من كرمه منها: انه مر(ع) بغلام اسود بين يديه رغيف يأكل منه، ويدفع لكلب كان عنده شيئاً آخر من الرغيف، فقال له الامام(ع) ما حملك على ذلك؟
فقال الغلام: اني لاستحي ان آكل ولا اطعمه، لقد راى الامام(ع) في ذلك الغلام خصلة كريمة من احب الخصال عنده، فاحب ان يجازيه على صنعه، فأمره ان يقيم في مكانه ولا يبرح عنه وبادر فاشتراه واشترى البستان الذي هو فيه، واعتقه وملكه البستان.
لقد كان الكرم والسخاء من صفات الامام الحسن(ع) الاساسية وقد قيل له: لاي شيء لا نراك ترد سائلاً؟
فأجاب: (اني لله سائل وفيه راغب وانا استحي ان اكون سائلاً وارد سائلاً، وان الله عودني عادة ان يفيض نعمه علي وعودته ان افيض نعمه على الناس فاخشى ان قطعت العادة ان يمنعني العادة)، وانشأ (عليه السلام) يقول:
اذا ما أتاني سائل قلت مرحباً
بمن فضله فرض عليَّ معجل
ومن فضله فضل على كل فاضل
وافضل ايام الفتى حين يسأل
ونسبت له(ع) هذه الابيات:
ان السخاء على العباد فريضة
لله يقرأ في كتاب محكم
وعد العباد الاسخياء جنانه
واعد للبخلاء نار جهنم
من كان لا تندى يداه بنائل
للراغبين فليس ذاك بمسلم
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء المقبل نستودعكم الله تعالى الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صور من زهد الامام علي (عليه السلام)صور من كرم الامام العسكري (عليه السلام)

صور من زهد الامام علي (عليه السلام)صور من كرم الامام العسكري (عليه السلام)
والصلاة والسلام على خير خلق الله حبيب اله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الهداة الميامين ...
السلام عليكم ... ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...

مستمعينا الافاضل ـ لقد كان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) بعد رسول الله(ص) من ازهد الناس واتقاهم، وقد شهد بذلك الصديق والعدو، وقد صدق من قال:
ومناقب شهد العدو بها
والفضل ما شهدت به الاعداء
ونذكر لكم ـ ايها الاعزاء ـ صوراً من زهده(ع) فقد روى علي بن الاقمر قال: رأيت علياً وهو يبيع سيفه في السوق ويقول: من يشتر مني هذا السيف، فو الذي فلق الحبة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله(ص) ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته.
وروى هارون بن عنترة قال: دخلت على علي في الخورنق وهو يرعد من البرد وعليه سمل قطيفة فقلت يا امير المؤمنين ان الله تعالى قد جعل لك ولأهل بيتك نصيباً في هذا المال وانت تصنع بنفسك ما تصنع؟ فقال(ع): والله ما ارزؤكم شيئاً من مالكم، وانها لقطيفتي التي خرجت بها من منزلي بالمدينة. وروى ان امير المؤمنين(ع) خطب قائلاً لاهل الكوفة: (دخلت بلادكم باسمالي هذه وراحلتي هذه، فاذا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فاني من الخائنين).
وذكر المؤرخون ان الامام(ع) في ايام خلافته لم يكن عنده ثلاثة دراهم ليشتري بها ازاراً او ما يحتاج اليه ثم يدخل بيت المال فيقسم كل ما فيه على الناس ثم يصلي فيه ويقول: الحمد لله الذي اخرجني منه كما دخلته.
لقد كانت تلك ـ مستمعي الكريم ـ بعض الصور من زهد الامام علي(ع) في لباسه، واما الطواغيت الذين حكموا البلاد بالجور والظلم في مختلف العصور فكانوا يبذرون اموال الشعب على ملذاتهم الحرام ومنهم "على سبيل المثال لا الحصر" هارون العباسي المسمى زوراً وبهتاناً بالرشيد الذي ذكر المؤرخون بانه لما توفي ترك اربعة الاف عمامة مطرزة ما عدا الثياب، فضلاً عن الاموال الهائلة التي خلفها في خزانته وهكذا غيره من الملوك والرؤساء الظالمين الذين نهبوا اموال المسلمين وانفقوا على شهواتهم ولياليهم الحمراء، ومن المؤكد ان الاسلام بريء من هؤلاء وامثالهم.
واما الآن ـ مستمعينا الاكارم ـ نتحدث عن بعض اخلاق الامام ابي محمد الحسن العسكري(ع) في الكرم والسخاء فقد كان كاجداده الكرام(ع) في البر بالفقراء والمحرومين ومن صور ذلك انه اقام وكلاء له في معظم المناطق الاسلامية التي تدين بامامته، وعهد اليهم بقبض ما يرد اليه من الحقوق الشرعية وانفاقها على المحتاجين واصلاح ذات البين وغير ذلك مما ينفع الناس ومن فيض كرمه ان العلوي محمداً بن علي بن ابراهيم بن موسى بن جعفر(ع) روى ان ضائقة اقتصادية المت بهم فقال له ابوه: امض بنا الى هذا الرجل ـ يعني ابا محمد ـ فانه قد وصف لنا سماحه فانبرى ولده قائلاً اتعرفه؟
قال: ما اعرفه ولا رأيته قط. ويعود السبب في هذا التقاطع بين العلويين الى الضغط الهائل الذي صبه العباسيون على السادة من ابناء النبي(ص) فقد اشاعوا فيهم القتل وخلدوا الكثيرين منهم في ظلمات السجون خصوصاً من يتصل منهم بائمة اهل البيت(ع). وعلى أي حال فقد قال الاب: ما احوجنا الى ان يأمر لنا بخمسمائة درهم مئتان منها للكسوة ومائتان منها للدقيق ومائة للنفقة، وقال ولده، ليته امر لي بثلاثمائة درهم، مائة اشتري بها حماراً ومائة للنفقة ومائة للكسوة، أخرج الى الجبل، ولما تشرفوا وارسل اليهم غلامه فاعطى الاب خمسمائة درهم لما تمناه، واعطى ولده ثلاثمائة درهم وهو ما كان يحلم به وامره ان لا يخرج الى الجبل ويصير الى منطقة سوراء وتحسنت حالة العلويين ببركة الامام التي اكرمه الباري تعالى بها.
ومن بره وكرمه(ع) ما رواه الثقة ابو هاشم الجعفري وكان مسجوناً فكتب له رسالة يشكو فيها ضيق الحبس وشدة القيد فكتب اليه: انت تصلي الظهر اليوم في منزلك، ولم يلبث حتى افرج عنه، وصلى صلاة الظهر في بيته، وكان ابو هاشم في ضيق فبعث له الامام العسكري(ع) مائة دينار، وكتب له، اذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم واطلبها فانك على ما تحب ان شاء الله تعالى.
وفي الختام ـ ايها الاحبة الكرام ـ نشكركم على جميل الاصغاء ونسأل الباري تعالى ان يجعلنا من عباده الصالحين الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه انه سميع مجيب.
وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تبارك وتعالى الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صور من زهد الامام علي (عليه السلام) في كيفية طعامه صور من جود الامام الباقر (عليه السلام)

صور من زهد الامام علي (عليه السلام) في كيفية طعامه  صور من جود الامام الباقر (عليه السلام) وعطاياه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الاوصياء الراضين المرضيين ...

السلام عليكم ـ مستمعينا الاكارم ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان من اخلاق امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) امتناعه عن تناول الاطعمة الشهية فقد اقتصر على ما يسد الرمق من الاطعمة البسيطة كالخبز والملح وربما تعداه الى اللبن او الخل، وكان في ايام رسول الله(ص) يربط الحجر على بطنه من الجوع وكان قليل التناول للحم وقد قال(ع): "لا تجعلو بطونكم مقابر للحيوانات".
يقول ابن ابي الحديد: انه ما شبع من طعام قط، وقد اتي له بفالوذج وهو حلواء تصنع من الدقيق والماء والعسل، فلما رآه قال(ع): "انه طيب الريح، حسن اللون، طيب الطعم، ولكن اكره ان اعوَّد نفسي ما لم تعتد".
وقد روى الامام ابو جعفر(ع) قال: «اكلَ عليٌّ من تمر دقل ثم شرب عليه الماء، وضرب يده على بطنه وقال: من ادخله بطنه النار فابعده الله».
لقد تحرج رائد العدالة الاجتماعية في طعامه كاشد ما يكون التحرج وقد تحدث(ع) عن زهده بقوله: فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا اعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من ارضها شبرا.
ان امير المؤمنين(ع) ـ مستمعينا الاكارم ـ لم ينل من اطائب الطعام حتى وافاه الاجل المحتوم، فقد افطر اخر يوم من حياته في شهر رمضان على خبز وجريش ملح، وامر برفع اللبن الذي قدمته ابنته السيدة ام كلثوم، وهو في نفس الوقت كان(ع) يطعم اليتامى العسل بيده حتى قال بعض اصحابه، وددت اني كنت يتيماً.
لقد زهد الامام(ع) في جميع متع الحياة الدنيا وتجرد تجرداً تاماً من جميع رغباتها، وقد روى صالح بن الاسود قال: رأيت علياً قد ركب حماراً وادلى برجليه الى موضع واحد وهو يقول: انا الذي اهنت الدنيا. اجل والله لقد احتقر الامام(ع) الدنيا فلم يحفل بأي مظهر من مظاهر السلطة والحكم، واتجه نحو الله تعالى، وعمل كل ما يقربه اليه زلفى.
واما الآن ـ مستمعينا الاعزاء ـ ننتقل الى علم آخر من اعلام أهل بيت النبوة وهو الامام محمد بن علي الباقر(ع) لنتحدث عن كرمه وسخائه حيث جبل(ع) على البر والاحسان للبؤساء والمحرومين وادخال السرور عليهم، يقول ابن الصباغ: "كان محمد بن علي بن الحسين مع ما هو عليه من العلم والفضل والرئاسة والامامة ظاهر الجود في الخاصة والعامة، مشهوراً بالكرم في الكافة، معروف بالفضل والاحسان مع كثرة عياله وتوسط حاله".
وقد روى المؤرخون بوادر كثيرة من جوده كان منها: روى الحسن بن كثير قال: شكوت الى ابي جعفر محمد بن علي الحاجة وجفاء الاخوان، فتأثر وقال(ع) بئس الاخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً، ثم امر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم وقال(ع): "استنفق هذه فاذا نفدت فاعلمني" وروى عبد الله بن عبيد وعمرو بن دينار قالا: ما لقينا ابا جعفر محمد بن علي الا وحمل الينا النفقة والكسوة. ويقول(ع): هذه معدة لكم قبل ان تلقوني. وروت مولاته سلمى قالت: كان يدخل عليه اخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويلبسهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم.
وكان يقول لها: (ما يؤمَّل في الدنيا الا المعارف والاخوان) وكان يقول(ع): ايضاً ما حسنت الدنيا الا صلة الاخوان والمعارف. وكان من معالي اخلاق الامام الباقر(ع) ايضاً تكريمه للفقراء وتبجيله لهم لئلا يرى عليهم ذل الحاجة، وقد عهد لاهله انه اذا قصدهم سائل لا يقولون له يا سائل خذ هذا وانما يقولون: يا عبد الله بورك فيك. وقال(ع): سموهم باحسن اسمائهم.
اجل ـ مستمعي الكريم ـ انها اخلاق الانبياء التي جاءت لتسمو بالانسان وتغذيه بالعزة والكرامة، وتنفي عنه الذل والخنوع، وكان الباقر(ع) كثير البر والصدقة لفقراء المدينة وقد احصيت صدقاته فكانت ثمانية الاف دينار وكان(ع) يتصدق على فقراء المدينة في كل يوم جمعة بدينار، ويقول: الصدقة يوم الجمعة تضاعف الفضل على غيره من الايام.
وقبل الوداع ـ مستمعينا الكرام ـ نسأل الباري عز وجل ان يجعلنا واياكم من المتمسكين بكتابه العظيم وبعترة رسوله الكريم محمد(ص) كي ننال خير الدنيا والآخرة انه سميع مجيب.
ونشكركم ـ ايها الاحبة الاكارم ـ على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
******

رواية أبي الدرداء عن خشية الامام علي (عليه السلام) من الله عزوجل صور من كرم الامام الكاظم (عليه السلام)

رواية أبي الدرداء عن خشية الامام علي (عليه السلام) من الله عزوجل  صور من كرم الامام الكاظم (عليه السلام) في إعانة المحتاجين
وصلى الله على حبيبه وخاتم رسله محمد المصطفى وعلى آله الميامين وصحبه المنتجبين.

السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا نرجو ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الاكارم ـ لقد كان من سمو ذات الامام علي(ع) ومن عناصر اخلاقه انابته المطلقة الى الله تعالى فقد كان من اعظم المنيبين اليه بعد رسول الله(ص) ومن اكثرهم خوفاً ورهبة منه، وقد روى المؤرخون صوراً من خشيته من الباري عز وجل كان منها: روى ابو الدرداء قال: شهدت علي بن ابي طالب(ع) في بعض محلات بني النجار وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممن يليه، واستتر بنخيلات فافتقدته وبعُد عليَّ مكانه، فقلت لحق بمنزله فاذا بصوت حزين ونغمة شجية قائلة: "الهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، الهي ان طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما انا بمؤمل غير غفرانك، ولا انا براج غير رضوانك" وذهل ابو الدرداء، وهام من خشية الله تعالى، وراح يفتش عن صاحب الصوت، ولم يلبث ان عرفه، واذا هو امام المتقين علي بن ابي طالب(ع)، فاستتر ليسمع بقية مناجاته، وراح الامام يصلي، فلما فرغ من صلاته توجه الى الله تعالى بقلب منيب واخذ في المناجاة قائلاً: "الهي افكر في عفوك فتهون عليَّ خطيئتي، ثم اذكر العظيم من اخذك فتعظم عليَّ بليتي" ثم قال(ع): (آه ان انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وانت محصيها، فتقول خذوه فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته يرحمه الملأ اذا اذن فيه بالنداء... آه من نار تنضج الاكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى، آه من غمرة من ملهبات لظى...).
نعم ـ مستمعي الكريم ـ ما زلنا مع رواية ابي الدرداء حول انابة الامام علي(ع) الى الله تعالى حيث يقول: ثم انفجر الامام باكياً وخمد صوته، فسارت اليه فوجدته كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك، فقلت انا لله وانا اليه راجعون، مات والله علي بن ابي طالب، فبادرت مسرعاً الى بيته انعاه الى اهله، فاخبرت سيدة النساء فاطمة(ع) فقالت: يا ابا الدرداء، ما كان من شأنه؟ فاخبرتها بما رأيته، فقالت: هي والله يا ابا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله وناولتني ماء وامرتني ان اريقه على وجهه الشريف، ففعلت ذلك، فافاق ونظر اليَّ وانا ابكي فقال لي: مم بكاؤك يا ابا الدرداء؟ فقال ابو الدرداء ابكي لما انزلته بنفسك، فأجابه الامام(ع) (بصوت حزين): يا ابا الدرداء كيف لو رأيتني، وقد دعي بي الى الحساب، وايقن اهل الجرائم بالعذاب واحتوشتني ملائكة غلاظ، وزبانية فظاظ، فوقفت بين يدي الملك الجبار، قد اسلمني الاحياء، ورحمني اهل الدنيا، لكنت اشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية، وبهر ابو الدرداء من خشية الامام علي(ع) وعظيم خوفه من الله تعالى وراح يقول: ما رايت ذلك لاحد من اصحاب رسول الله(ص).
واما الآن مستمعينا الاعزاء فننتقل الى رحاب امامنا موسى بن جعفر الكاظم(ع) لنتحدث عن كرمه وسخائه حيث كان من جملة الذين اغدق عليهم الامام(ع) بمعروفه عيسى بن محمد القرطبي فقد زرع بطيخاً وثاءً وقرعاً فلما استوى الزرع هجم عليه الجراد فاتى عليه ولم يبق منه شيئاً، وقد غرم على زرعه مع ثمن جملين مائة وعشرين ديناراً، فضاقت عليه الارض، وبينما هو يفكر في امره، اذ طلع عليه الامام موسى الكاظم(ع) فسلم عليه ثم قال له: كيف حالك؟
فأجاب عيسى: اصبحت كالصريم "أي الارض التي حصد زرعها" بغتني الجراد فاكل زرعي، فقال له الامام(ع) كم غرمت فيه؟ قال مائة وعشرين ديناراً مع ثمن الجملين. فأمر الكاظم(ع) بان يعطى مائة وخمسين ديناراً، فاعطي وقال له: ربحك ثلاثون ديناراً مع ثمن الجملين.
وروى ايضاً ان فقيراً وفد على الامام الكاظم(ع) يطلب المساعدة فاراد الامام اختباره ليكرمه على قدر معرفته فقال له: (لو جعل لك التمني في الدنيا ما كنت تتمنى)؟
قال الفقير: كنت اتمنى ان ارزق التقية في ديني وقضاء حقوق اخواني، فاستحسن الامام(ع) جوابه وامر ان يعطى الف دينار. واما بالنسبة لصدقات السر، وصدقة السر تطفيء غضب الرب كما ورد في الحديث الشريف، فقد تميز بها الامام الكاظم(ع) حيث كان يخرج في ظلام الليل فيصل الفقراء ببره واحسانه وهم لا يعلمون من الذي يصلهم، وكان الصرار التي يحملها اليهم تتراوح ما بين المائتي دينار الى الاربعمائة دينار، وكان يضرب المثل بصراره، فكان اهله يقولون: عجباً لمن جاءته صرار موسى وهو يشتكي القلة والفقر، وقد قامت هباته السرية وصلاته الخفية باعاشة الفقراء الذين اغدق عليهم باحسانه.
وختاماً نشكركم ـ ايها الافاضل ـ على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونساله تعالى ان يمن علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين بحسن العاقبة انه سميع مجيب. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

الامام علي (عليه السلام) وحفظ كرامة السائل المحتاج السيدة الزهراء (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام) وحفظ كرامة السائل المحتاج  السيدة الزهراء (عليه السلام) وبركات عقدها الذي تصدق به
صورة من حلم الامام الحسن (عليه السلام)
والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الابرار الاخيار ...

السلام عليكم ـ مستمعينا الاكارم ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء ـ لقد عرف الامام علي(ع) كأخيه الرسول الاكرم(ص) بالكرم والسخاء فقد كان اندى الناس كفاً واكثرهم براً واحساناً للفقراء وكان(ع) لا يرى للمال قيمة سوى ان يرد به جوع جائع او يكسو عرياناً، وكان يؤثر الفقراء على نفسه ولو كان به خصاصة، وقد ذكر المؤرخون نماذج كثيرة من بره واحسانه كان منها: روى الاصبغ بن نباتة قال: جاء رجل الى الامام(ع) فقال له: يا امير المؤمنين ان لي اليك حاجة قد رفعتها الى الله قبل ان ارفعها اليك فان قضيتها حمدت الله وشكرتك، وان لم تقضها حمدت الله تعالى وعذرتك؟
فقال له(ع): اكتب حاجتك على الارض فاني اكره ان ارى ذلك السؤال على وجهك فكتب الرجل: اني محتاج، فأمر الامام(ع) باحضار حلة فاهداها له، فلبسها الرجل وقال:
كسوتني حلة تبلى محاسنها
فسوف اكسوك من حسن الثنا حللا
ان نلت حسن ثنائي نلت مكرمة
ولست تبغي بما قد قلته بدلا
ان الثناء ليحيي ذكر صاحبه
كالغيب يحيي نداه السهل والجبلا
لا تزهد الدهر في خير تواقعه
فكل شخص سيجزى بالذي عملا
وأمر له الامام بمئة دينار، فدفعها له، وبادر الاصبغ قائلاً: يا امير المؤمنين، ومئة دينار؟! لقد استكثر الاصبغ اعطاء الرجل مئة دينار فأجابه الامام(ع): (سمعت رسول الله(ص) يقول: انزلوا الناس منازلهم وهذه منزلة الرجل عندي).
واما الآن ـ مستمعينا الافاضل ـ مع نور آخر من انوار الرسالة المحمدية انها فاطمة البتول وبضعة الرسول(ص) حيث روى جابر بن عبد الله الانصاري(رض) قال: صلى بنا رسول الله(ص) صلاة العصر، فلما فرغ منها جلس في القبلة والناس حوله فاقبل شيخ طاعن في السن وهو يشكو الجوع قائلاً: يا نبي الله انا جائع فاطعمني، وعار فاكسني، فامره رسول الله(ص) باتيان بضعته، فهي التي تسعفه، فانطلق الشيخ الى بيت الزهراء(ع) فسلم عليها وقال: يا بنت محمد، انا عاري الجسد، جائع، فواسيني يرحمك الله، وكانت الزهراء(ع) في ضائقة اقتصادية، فلم تجد شيئاً تسعف به سوى جلد كبش ينام عليه ولداها الحسنان(ع) فقالت له: خذ هذا ايها الشيخ، فزهد فيه ورده اليها، فعمدت سلام الله عليها الى عقد في عنقها فخلعته وناولته له كان قد اهدته لها فاطمة بنت عمها الشهيد حمزة(ع) فاخذه الرجل وانطلق نحو النبي(ص) وقال: يا رسول الله اعطتني هذا العقد، وقالت بعه عسى الله ان يعوضك به خيراً فبكى النبي(ص) وقال: وكيف لا يصنع الله بك خيراً وقد اعطته بنت محمد سيدة بنات آدم. وبادر الطيب ابن الطيب عمار بن ياسر(رض) فاشترى العقد بعشرين ديناراً ومئتي درهم، وبردة يمانية، وراحلة تبلغه الى اهله، واطعمه البر واللحم، فانطلق الشيخ فرحاً مسروراً وهو يدعو لسيدة نساء العالمين(ع) قائلاً: اللهم لا اله لنا سواك، اللهم اعط فاطمة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت. وعمد عمار ذلك الصحابي الجليل(رض) الى العقد فطيبه بالمسك ولفه في بردة يمانية واعطاه بيد عبد له وقال له: خذ هذا العقد فادفعه الى رسول الله(ص) وانت له، ومضى العبد فدفع العقد الى رسول الله(ص) فأمره النبي ان يمضي به الى سيدة النساء فاخذته واعتقت العبد، فلما سمع النبي(ص) بذلك ضحك وقال: عظيم بركة هذا العقد اشبع جائعاً وكسا عرياناً واغنى فقيراً، واعتق عبداً ورجع الى صاحبه.
مستمعينا الاكارم ـ وفي ختام البرنامج نذكر نموذجاً رائعاً من حلم سبط الرسول وسيد شباب اهل الجنة الامام الحسن(ع) حيث كانت عنده شاة فرآها وقد سكرت رجلها فقال لغلامه: من فعل هذا بها؟ قال الغلام انا فقال له الامام(ع) لم ذلك؟ قال: لاجلب لك الهم.
فتبسم الامام(ع) وقال له: لأسرَّنَّكَ، ثم اعتقه واجزل له العطاء.
نعم مستمعي الكريم ـ هكذا كان أئمة اهل البيت(ع) رمزاً للانسانية الكاملة وللخلق الرفيع لا يثيرهم الغضب ولا يزعجهم من اساء اليهم فهم شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومعدن العلم، قد وضعوا نصب اعينهم قول الله تعالى: «ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» (فصلت، 34).
وختاماً ـ ايها الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونرجو لكم كل خير. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صور من خشية الامام علي (عليه السلام) من الله عزوجل التواضع في سيرة الامام الحسين (عليه السلام)

صور من خشية الامام علي (عليه السلام) من الله عزوجل التواضع في سيرة الامام الحسين (عليه السلام)
صور من صدقات الامام زين العابدين (عليه السلام) وإنفاقه مما يحب
وصلى الله على خاتم انبيائه ورسله محمد المصطفى وعلى آله الابرار ...

السلام عليكم ـ ايها الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من اخلاق الامام علي بن ابي طالب(ع) الخشية من الله تبارك وتعالى وقد روى المؤرخون صوراً من ذلك منها: ان ضراراً وصف لمعاوية ما رآه من انابة الامام(ع) الى الله تعالى وخشيته منه قائلاً: لو رأيته في محرابه وقد ارخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتململ تململ السليم "والسليم هو الذي لدغته الحية" ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: (يا دنيا، اليَّ تعرضتِ ام اليَّ تشوقتِ؟ هيهات هيهات، لا حاجة لي فيك ابنتك ثلاثاً لا رجعة لي عليك)، ثم يقول(ع): (آهٍ آهٍ لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق) وانبهر معاوية "على الرغم من عدائه لامير المؤمنين" وراح يقول: حسبك يا ضرار، كذلك والله كان علي.
وروى نوف البكالي شدة خشية الامام علي(ع) من الله تعالى وعظيم انابته، فكان يصلي الليل كله ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر الى السماء ثم يتلو القرآن، فمر بي فقال لي: (يانوف اراقد انت ام رامق)؟ فقلت: بل رامق ارمقك ببصري يا امير المؤمنين، فألتفت اليَّ وقال: (يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة اولئك الذين اتخذوا الارض بساطاً وترابها فراشاً وماءها طيباً والقرآن دثاراً والدعاء شعاراً وقرضوا من الدنيا تقريضاً على منهاج عيسى بن مريم، ان الله عز وجل اوحى الى عيسى بن مريم: قل للملأ من بني اسرائيل لا يدخلوا بيتاً من بيوتي الا بقلوب طاهرة وابصار خاشعة واكف نقية، وقل لهم اعلموا اني غير مستجيب لاحد منكم دعوة من خلقي في قلبه مظلمة).
وروى ابو جعفر الباقر(ع) قال: دخلت على ابي علي بن الحسين(ع) فاذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه احد قد اصفر لونه من السهر ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته وانخرم انفه من السجود وورمت ساقاه وقدماه من الصلاة قال ابو جعفر(ع): فلم املك نفسي حين رأيته بتلك الحالة وهو يبكي، فبكيت رحمة له فالتفت الي فقال: اعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن ابي طالب فاعطيته فقرأ شيئاً يسيراً ثم تركها من يده وقال: من يقوى على عبادة علي بن ابي طالب.
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من مكارم اخلاق الامام الحسين(ع) التواضع ومجافاة الانانية والكبرياء وقد ورث هذه الظاهرة الشريفة من جده رسول الله(ص) وابيه امير المؤمنين(ع) ومن امثلة تواضعه: انه مر بمساكين يأكلون في "الصفة" فدعوه الى تناول الطعام معهم فنزل عن راحلته وشاركهم في الغذاء ثم قال لهم: قد اجبتكم فأجيبوني، فأجابوا وحملهم الى منزله فاطعمهم وكساهم وامر لهم بدراهم ومر(ع) بفقراء يأكلون من اموال الصدقة فسلم عليهم فدعوه الى طعامهم فجلس معهم وقال لهم: لو لا انه صدقة لاكلت معكم، ثم دعاهم الى منزله فاطعمهم وكساهم وامر لهم بشيء من المال.
اجل مستمعي الكريم ـ لقد كان الامام الحسين(ع) يخالط الفقراء ويجالسهم ويفيض عليهم بالبر والاحسان حتى لا يتبيغ بالفقير فقره ولا يبطر الغني ثراؤه.
مستمعينا الاعزاء ـ اما الامام زين العابدين السجاد(ع) فقد كان من احب الامور اليه انعاش الفقراء وتبديل حياتهم من البؤس والحرمان الى السعة والرخاء وكان(ع) يقول: ما من رجل تصدق على مسكين مستضعف فدعا له المسكين بشيء في تلك الساعة الا استجيب له. وقد روى المؤرخون ان الامام(ع) كان يلبس افخر الثياب في الشتاء فاذا جاء الصيف تصدق بها او باعها وتصدق بثمنها وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع مصر ويتصدق بهما اذا جاء الشتاء وكان(ع) يقول: اني لاستحي من ربي ان آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه.
وروي ايضاً ان زين العابدين(ع) كان يتصدق بما يحب، وانه كان يتصدق باللوز والسكر فسئل عن ذلك فتلا قوله تعالى: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون» (آل عمران، 92).
وروى المؤرخون انه(ع) كان يعجبه العنب وكان صائماً فقدمت له جاريته عنقوداً من العنب في وقت الافطار فجاء سائل فأمر بدفعه اليه، فبعثت الجارية من اشتراه منه، وقدمته الى الامام فطرق سائل آخر الباب فأمر بدفع العنقود اليه فبعثت الجارية من اشتراه منه، وقدمته للامام، وطرق سائل ثالث فدفعه الامام السجاد(ع) اليه.
نعم ـ مستمعي الكريم ـ لقد ضارع الامام السجاد(ع) بهذه السجية آباءه العظام(ع) الذين قدموا قوتهم ثلاثة ايام متوالية وهم صائمون الى المسكين واليتيم والاسير فانزل الله في حقهم سورة (هل اتى) التي بقيت وسام شرف لهم على امتداد الزمن حتى يرث الله تعالى الارض ومن عليها.
وختاماً ـ ايها الاحبة الكرام ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء سائلين الباري عز وجل ان يمن عليكم بالصحة والسعادة ودوام التوفيق انه سميع مجيب. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صور من ايثار أمير المؤمنين (عليه السلام) للآخرين على نفسه وصية من الامام الكاظم (عليه السلام)

صور من ايثار أمير المؤمنين (عليه السلام) للآخرين على نفسه وصية من الامام الكاظم (عليه السلام) في قبول كلمة الحق
التواضع واحترام الآخرين في سيرة الامام الرضا (عليه السلام)
الامام الجواد (عليه السلام) والتحذير من الاغترار بالدنيا
وصلى الله على سيدنا وحبيب قلوبنا محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الميامين.

السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا نرجو ان تقضوا معه وقتاً طيباً ونافعاً.
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان من بوادر جود وسخاء امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) انه لما قسم بيت مال البصرة على جيشه لحق كل واحد منهم خمسمئة دينار واخذ هو مثل ذلك فجاءه شخص لم يحضر الواعة فقال له: كنت شاهداً معكم بقلبي وان غاب عنك جسمي فاعطني من الفيء شيئاً، فأعطاه(ع) ما اخذه لنفسه ورجع عليه السلام ولم يصب من الفيء شيئاً.
ومن سخائه(ع) ما رواه المعلى بن خنيس عن الامام الصادق(ع) قال: ان علياً(ع) اتى ظلة بني ساعدة وكانت السماء قد امطرت وهو يحمل جراباً فيه الخبز فمر على قوم نيام وهم من الفقراء فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت فراشهم حتى اتى على آخرهم ثم انصرف. وخرج الامام علي(ع) في مرة من المرات وهو يحمل على ظهره قربة وفي يده صحفة وهو يقول: (اللهم ولي المؤمنين واله المؤمنين وجار المؤمنين، اقبل قرباتي الليلة فما امسيت املك سوى ما في صحفتي وغير ما يواريني، فانك تعلم اني منعته نفسي مع شدة سغبي في طلب القربة اليك غنماً، اللهم فلا تخلق وجهي ولا ترد دعوتي)، واخذ(ع) يطعم الفقراء. وكان الامام علي(ع) عنده اربعة دراهم فتصدق بواحد منها ليلاً وبالثاني نهاراً وبالثالث سراً وبالرابع علانية فنزلت فيه الاية الكريمة: «الذين ينفقون اموالهم بالليل» (البقرة، 274).
وكان احد الفقراء في عهد النبي(ص) ساكناً في دار ضيقة وبجوارها حديقة لشخص غني بخيل وفيها نخيل يتساقط بعض ثمرها على دار الفقير فيبادر الجار البخيل الى اخذ التمر من افواه الاطفال، فشكا الفقير ذلك الى النبي(ص)، فبعث خلفه وطلب منه ان يبيعها عليه، ويأخذ عوضها بستاناًُ في الجنة فابى "ذلك البخيل البائس" وقال: لا ابيع عاجلاً بآجل ولم يستجب للنبي(ص)، واخبر النبي الامام علياً(ع) بذلك فبادر الى الرجل وطلب منه ان يبيع بستانه عليه، فاستجاب له بشرط ان يعطيه عوضها بستاناً للامام، فأجابه الى ذلك وباعها عليه وبادر الامام(ع) فوهب البستان للفقير.
نعم مستمعينا الاكارم ـ لقد كان أمير المؤمنين علي(ع) اسخى الناس كما يقول الشعبي وكان على الخلق الذي يحبه الله تعالى وهو السخاء والجود، ما قال لا لسائل قط.
نعم ـ مستمعي الكريم ـ انه اخو الرسول وزوج الطاهرة البتول وابو الائمة الميامين فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.
مستمعينا الافاضل ـ من المناهج الاخلاقية التي اكدها الامام موسى بن جعفر الكاظم(ع) ايثار الحق حيث قال: (قل الحق وان كان فيه هلاكك فان فيه نجاتك ودع الباطل وان كان فيه نجاتك فان فيه هلاكك).
وكان الكاظم(ع) يوصي اصحابه بقول الخير واسدائه الى الناس. فقد قال(ع) للفضل بن يونس (ابلغ خيراً وقل خيراً ولا تكن امَّعةً) فانبرى الفضل قائلاً: ما الامعة؟
فأجابه الامام(ع): لا تقل انا مع الناس وانا كواحد من الناس، ان رسول الله(ص) قال: ايها الناس انما هما نجدان "والنجد هو الطريق الواضح المرتفع" نجد خير ونجد شر، فلا يكون نجد الشر احب اليكم من نجد الخير.
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من سموِّ اخلاق الامام علي بن موسى الرضا(ع) انه اذا جلس على مائدته اجلس عليها مماليكه حتى السايس والبواب، وقد ضرب بذلك مثلاً رائعاً لالغاء التمايز بين الناس، وانهم جميعاً على صعيد واحد لا فرق لاحد منهم على الآخر الا بالتقوى.
قال للامام الرضا(ع) رجل والله ما على وجه الارض اشرف منك فاجابه الامام(ع) قائلاً: التقوى شرفتهم، وطاعة الله احظتهم. وقال له رجل: انت والله خير الناس، فرد عليه الامام(ع) قائلاً: يا هذا خير مني من كان اتقى لله عز وجل واطوع له والله مانسخت هذه الآية: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم» (الحجرات، 13).
وهكذا ـ مستمعي الكريم ـ كان الامام الرضا(ع) قد تنكر لجميع مظاهر التعالي والتفوق على خلق الله تعالى، وهذه هي سيرة جده رسول الله(ص) وسيرة آبائه العظام الذين اعرضوا عن زهو الدنيا وزخرفها.
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان الامام محمد الجواد(ع) شاباً في مقتبل العمر وقد اعرض عن زينة الحياة الدنيا ونبذ جميع مباهجها ورغائبها ولم يقم للدنيا أي وزن، وكانت ترد له الاموال الوافرة من الحقوق الشرعية ومن واردات الاوقاف وغيرها الا انه لم ينفق شيئاً منها في اموره الخاصة وانما كان ينفقها على الفقراء والمحتاجين وقد رآه الحسين المكاري في بغداد وكان محاطاً بهالة من التعظيم من قبل الاوساط الرسمية والشعبية فحدثته نفسه ان الامام لن يرجع الى وطنه وسيقيم في بغداد منعماً، وقرأ الامام(ع) ما في نفسه فقال له: (يا حسين خبز الشعير وملح الجريش في حرم جدي رسول الله(ص) احب الي مما تراني فيه).
اجل لم يكن الامام(ع) من عشاق الملك والعظمة وانما كان كآبائه المتقين(ع) الذين طلقوا الدنيا ثلاثاً واتجهوا صوب الحق تعالى.
وختاماً ـ ايها الاحبة الكرام ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

الصديقة الزهراء (عليها السلام) والتحجب من الاعمى الحسن المجتبى (عليه السلام)

الصديقة الزهراء (عليها السلام) والتحجب من الاعمى الحسن المجتبى (عليه السلام) وإنفاقه بما هو أحب اليه
صور من حلم الامام السجاد (عليه السلام)
والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ... مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا نأمل ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاعزاء ـ ان الصيغة القرآنية لمواصفات الشخصية المؤمنة بنماذجها المختلفة قد اخذت طريقها للتجسيد العملي في العملية الرائدة التي قادها المصطفى(ص)، فشخصية الرسول الكريم قد مثلت قمة التسلسل بالنسبة لدرجات الشخصية الاسلامية التي توجد عادة في دنيا الاسلام فكان(ص) عظيماً في فكره ووعيه، قمة في عبادته وتعلقه بربه الاعلى رائداً في اساليب تعامله مع اسرته والناس جميعاً، مثالياً في حسم الموقف والصدق في المواطن ومواجهة المحن، فما من فضيلة الا ورسول الله(ص) سابق اليها، وما من مكرمة الا وهو متقلد لها وتحلى اهل بيته(ع) بنفس اخلاقه العظيمة، وقد كان من سمو اخلاق بضعته الزهراء(ع) العفة والحجاب، وقد بلغت القمة في هذه الظاهرة واعطت للمرأة المسلمة الدروس القيمة لتكون مربية للاجيال ومنشأة للابناء الصالحين الذين يكونون قرة عين لآبائهم وامهاتهم ووطنهم ومن شذرات عفتها وطهارتها: روى امير المؤمنين علي(ع) قال: (استأذن اعمى على فاطمة(ع) فحجبته فقال لها رسول الله(ص): لم حجبته وهو لا يراك؟ فأجابته: ان لم يكن يراني، فاني أراه، وانبرى النبي(ص) فأثنى على ابنته قائلاً: اشهد انك بضعة مني).
أجل ـ مستمعي الكريم ـ لقد بلغت بضعة الرسول(ص) ارقى مراتب الحشمة والعفة والطهارة وعلى المرأة المسلمة ان تقتدي بسيدة النساء لتبني مجتمعاً اسلامياً قائماً على الشرف والفضيلة.
واما الآن ـ مستمعينا الاكارم ـ فمع الامام الحسن المجتبى(ع) الذي كان من افذاذ العترة الطاهرة ومن نجومها المشرقة فهو ريحانة الرسول(ص) وسيد شباب اهل الجنة وكان(ع) المثل الاعلى لمكارم الاخلاق وسمو الذات، وكان من معاني اخلاقه الزهد في الدنيا فقد شابه جده العظيم(ص) وأباه(ع) بهذه الظاهرة فتجرد عن جميع رغبات الحياة ومباهجها ونسب له في الزهد هذه الابيات:
لكسرة من خسيس الخبز تشبعني
وشربة من قراح الماء تكفيني
وطهرة من دقيق الثوب تسترني
حياً وان مت تكفيني لتكفيني
ومعنى دقيق الثوب ـ أي البسيط من الثياب ـ وقد رسم على خاتمه ما يتمثل بهذا البيت:
قدم لنفسك ما استطعت من التقى
ان المنية نازل بك يا فتى
اصبحت ذا فرح كأنك لا ترى
احباب قلبك في المقابر والبلى
وكان الامام الحسن(ع) كثير ما يتمثل بهذا البيت:
يا اهل لذات دنياً لا بقاء لها
ان اغتراراًَ بظل زائل حمق
وكان طعامه ـ في الاكثر ـ الخبز والملح ـ وقد روى مدرك بن زراد قال: كنا في حيطان ابن عباس فجاء الحسن والحسين(ع) وابنا العباس فجلسوا على ضفاف بعض السواقي فقال الحسن(ع) (يا مدرك هل عندك غذاء)؟
فقلت: نعم فبادرت وجئت له بخبز وملح وطاقتين من بقل، فتناول منها وقال: يا مدرك ما اطيب هذا. وجيء له بطعام جيد فقال لمدرك: اجمع الغلمان وقدم لهم الطعام، فأكلوا منه ولم يتناول منه شيئاً، فقال له مدرك: لماذا لم تأكل منه؟
فقال(ع): (ان ذلك الطعام احب عندي). وقد اجمع المترجمون له انه كان من ازهد الناس بعد جده وأبيه "صلوات الله عليهم اجمعين" وقد الَّف في زهده محمد بن بابويه القمي(رض) كتاباً اسماه "زهد الحسن".
مستمعينا الاعزاء ـ لا يوجد في تاريخ البشرية من يشابه الامام السجاد على بن الحسين(ع) في مكارم اخلاقه وسمو ذاته سوى آبائه الذين اضاؤوا الدنيا بمواهبهم وعبقرياتهم وعظيم ايمانهم بالله تعالى، وكان من الصفات الفاضلة التي سمت به الى ارقى مستويات الكمال الحلم حيث ذكر الرواة بوادر من حلمه منها: كانت له جارية تسكب على يديه الماء اذا اراد الوضوء للصلاة فسقط صدفة الابريق من يدها على وجهه الشريف فشجَّه فبادرت الجارية قائلة: ان الله عز وجل يقول: والكاظمين الغيظ واسرع الامام وقال لها بلطف: كظمت غيظي، وطمعت الجارية في حلم الامام ونبله، فراحت تطلب المزيد من فضله قائلة: والعافين عن الناس. فأجابها الامام بلطف: عفا الله عنك. وراحت الجارية الذكية تلتمس من الامام اللطف والفضل قائلة: والله يحب المحسنين. فقابلها(ع) بمزيد من الاحسان قائلاً: اذهبي فانت حرة.
ومن بوادر حلم الامام زين العابدين علي بن الحسين(ع) ايضاً ان شخصاً عديم الاخلاق قابل الامام بالسب والشتم بلا سبب فاجابه الامام(ع) بلطف قائلاً: يا فتى بين ايدينا عقبة كؤوداً، فان جزت منها فلا ابالي بما تقول وان اتحير فيها فانا شر مما تقول. ولم ينزعج الامام من هراء الشخص الذي انعدمت منه الاخلاق والآداب.
وكان من عظيم حلم السجاد(ع) انه خرج من المسجد فاسرع شخص فسبه واراد الحاضرون الانتقام منه، فنهاهم الامام واقبل صوب الرجل وقابله ببسمات فياضة بالبشر قائلاً: (ما ستره الله عنك اكثر، الك حاجة نعينك عليها)؟ وعندما رأى الرجل هذه الاخلاق العظيمة خجل وود لو ان الارض قد وارته، واشفق عليه الامام(ع) فالقى عليه خميصة كانت عليه "والخميصة ثوب اسود" وامر له بالف درهم واهتدى الرجل، فكان اذا رأى الامام قابله بمزيد من الاحتفاء والتكريم قائلاً له: انك من اولاد الانبياء.
اجل ـ مستمعي الكريم ـ لقد كان ذلك التصرف الحكيم من قبل الامام السجاد(ع) مصداقاً لقول الله تعالى في القرآن المجيد: «ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم».
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وجزاكم الله خير الجزاء. وحتى اللقاء المقبل نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

دوام ذكر الله في سيرة الامام الحسن (عليه السلام) إباء الضيم في خلق الامام الحسن (عليه السلام)

دوام ذكر الله في سيرة الامام الحسن (عليه السلام) إباء الضيم في خلق الامام الحسن (عليه السلام)
الاباء في أخلاق زيد بن علي وابنه يحيى والشريف الرضي
والصلاة والسلام على محمد الهادي الامين وعلى آله الهداة الميامين ...

السلام عليكم ـ مستمعينا الكرام ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء ـ مهما قيل من ثناء على الاخلاق السامية لرسول الله(ص) قديماً وحديثاً، فان الله تعالى عليه في كتابه العزيز يظل ادق تعبير واصدق وصف لمواصفات شخصيته العظيمة دون سواه فقول الله تعالى: «وانك لعلى خلق عظيم»، يعجز كل قلم وكل تصور وبيان عن تحديد عظمته فهو شهادة من الله سبحانه وتعالى على عظمة اخلاق الرسول(ص) وسمو سجاياه وعلو شأنه في مضمار التعامل مع ربه ونفسه ومجتمعه بناءً على ان الاخلاق مفهوم شامل لجميع مظاهر السلوك الانساني. وهي شهادة لا يبلغ مدى عظمتها احد سوى الله تعالى ورسوله(ص) اذ هي صادرة من الله الكبير المتعال فسجلها ضمير الوجود وثبتت في كيانه وهي تتردد في الملأ الاعلى الى ما شاء الله عز وجل.
مستمعينا الافاضل ـ لقد ربى الرسول الاكرم(ص) ابنائه وأهل بيته(ع) على الاخلاق الاسلامية الفاضلة وقد ذكر المؤرخون نماذج مشرقة من سيرتهم المباركة واخلاقهم العظيمة فنذكر ـ مثلاً ـ من اخلاق الامام الحسن المجتبى(ع) انابته المطلقة الى الله تعالى حيث يقول الرواة: انه لم ير في وقت من الاوقات الا ولسانه يلهج بذكر الله تعالى تحميداً وتسبيحاً وكان(ع) اذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم "والسليم من لسعه العقرب او الحية" فسأل الله تعالى الجنة وتعوذ من النار، واذا ذكر الموت وما يعقبه من البعث والنشور بكى بكاء الخائفين والمنيبين، واذا ذكر(ع) العرض على الله تعالى شهق شهقة يغشى عليه منها وكان من مظاهر عبادته(ع) انه اذا اراد الوضوء تغير حاله وداخله خوف شديد من الله تعالى فيصفر لونه وترتعد فرائصه واذا فرغ من الوضوء واراد الدخول الى المسجد رفع صوته قائلاً: "الهي ضيفك ببابك يا محسن قد اتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك يا كريم"، واذا اقبل على الصلاة ظهر عليه الخوف حتى ترتعد جميع اعضائه واذا فرغ من صلاة الفجر لا يتكلم الا بذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس.
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من مكارم اخلاق ابي الاحرار الامام الحسين(ع) الاباء عن الضيم وهو من اشهر القابه ذيوعاً وانتشاراً بين الناس فهو الذي رفع شعار العدل والكرامة ورسم طريق الشرف والعزة، فلم يخضع لغرور بني امية وفضل الموت تحت ظلال الاسنة، يقول عبد العزيز بن نباتة السعدي:
والحسين الذي رأى الوت في
العزِّ حياةً والعيش في الذل قتلاً
ويقول ابن ابي الحديد: سيد أهل الاباء الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف اختياراً على الدنية ابو عبد الله الحسين بن علي بن ابي طالب، عرض عليه الامان هو واصحابه فانف من الذل واختار الموت على ذلك وسمعت النقيب ابا يزيد يحيى بن زيد يقول: كأنَّ ابيات ابي تمام في محمد بن حميد الطاي ما قيلت الا في الحسين(ع):
وقد كان فوت الموت سهلاً فردَّه
اليهِ الحفاظُ المرُّ والخلقُ الوعرُ
ونفسٌ تعافُ الضيمَ حتى كأنهُ
هو الكفرُ يومَ الروعِ او دونهُ الكفرُ
فاثبتَ في مستنقعِ الموتِ رجلهُ
وقال لها من تحتِ اخمصكِ الحشرُ
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما اتى
لها الليلُ الا وهي من سندسٍ خضرُ
لقد كانت كلمات الامام الحسين(ع) الخالدة يوم الطف من اروع ما قيل في تصوير العزة والكرامة وسمو النفس.
وألقت كلماته(ع) على مدى ما يحمله من العزة التي لا حدود لابعادها والتي هي من اروع صور الكرامة الخالدة في جميع الازمان، وقد هام شعراء اهل البيت(ع) بهذه الظاهرة الماثلة في شخصية ابي الاحرار وقد عنى السيد حيدر الحلي (رحمه الله) بتصويرها حيث قال:
طمعت ان تسومه القوم ضيماً
وابى الله والحسام الصنيع
كيف يلوي على الدنية جيداً
لسوى الله ما لواه الخضوع
ولديه جأش ارد من الدرع
لظمأى القنى وهن شروع
وبه يرجع الحفاظ لصدر
ضاقت الارض وهي فيه تضيع
فأبى ان يعيش الا عزيزاً
فتجلى الكفاح وهو صريح
اجل ـ مستمعي العزيز ـ وقد ورث هذه الظاهرة ـ أي العزة والاباء ـ احفاد الامام الحسين(ع) وشيعته، يقول الشهيد الخالد زيد بن علي بن الحسين(ع): ما كره قوم الجلاد الا ذلوه وثار على طاغية زمانه هشام الاموي واستشهد في ساحة الحرب وثار ايضاً على الطغيان والاستبداد الاموي ولده يحيى بن زيد(رض) وهو ينشد في ساحة الحرب:
يا بن زيد اليس قد قال زيد
من اراد الحياة عاش ذليلاً
كن كزيد فانت مهجة زيد
واتخذ في الجنان ظلاً ظليلاً
واستشهد هذا البطل دفاعاً عن الكرامة الاسلامية التي استهانت بها الدولة الاموية. وقد ورث العزة ايضاً السيد الشريف الرضي من احفاد الامام الحسين(ع) وهو القائل:
ولي اباء محلق بي عن الضيم
كما زاغ طائر وحشي
وختاماً ـ ايها الاحبة الكرام ـ شكراً جزيلاً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وجزاكم الله خير الجزاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري عز وجل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

من خلق النبي وآله التواضع وعدم التأثر بمدح المادحين لهم الامام الحسن (عليه السلام)

من خلق النبي وآله التواضع وعدم التأثر بمدح المادحين لهم  الامام الحسن (عليه السلام) والتواضع لله
الامام زين العابدين (عليه السلام) والحلم الايجابي
الامام الباقر (عليه السلام) والصبر على النوائب
الامام الصادق (عليه السلام) وطيب الانفاق
والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين...

السلام عليكم ـ مستمعينا الاكارم ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الاعزاء ـ ان شهادة الباري تعالى لرسوله الكريم محمد(ص) بقوله: «وانك لعلى خلق عظيم»، تعبر تعبيراً واضحاً وجلياً عن مدى عظمة شخصية الرسول، ثم ان تحمل الرسول(ص) لهذه الشهادة والامانة بعد تلقيها من لدن ربه الاعلى دليل آخر على عظمته فهو(ص) يعلم اكثر من غيره من عباد الله من هو الله صاحب تلك الشهادة الخالدة الصادقة.
بيد انه مع ذلك يظل(ص) ثابتاً مطمئناً راسخاً لا تعرف نفسه التكبر ولا التعالي ولا الافتخار بعد تلك الشهادة وبعد ذلك الثناء الذي لا يوازيه ثناء ولا يبلغ مداه مديح فكم شهد التاريخ من رجال يختل توازنهم اذا تلقوا مديحاً من زعيم لهم فيستبد بهم التعالي والانتفاخ، مع ان ما تلقوه من ثناء يتصدر من بشر ذي دائرة محدودة.
غير ان رسول الله(ص) وهو يتلقى ما تلقاه من ثناء عظيم من الكبير المتعال سبحانه يظل هو متماسكاً مطمئناً دونما اضطراب او تحول في موقف او قول او سلوك «الله اعلم حيث يجعل رسالته».
وبعد رسول الله(ص) يأتي اهل بيته الاطهار(ع) كصورة مشرقة وناصعة لتلك الاخلاق العظيمة والتربية السامية التي كانت وما تزال مشعل هداية لكل الاجيال البشرية فهذا سبطه الحسن بن علي(ع) سيد شباب اهل الجنة الذي عرف بالاخلاق السامية النبيلة ومنها الانابة والانقطاع الى الله تعالى ومن مظاهر ذلك انه(ع) حج بيت الله الحرام خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه وكانت النجائب تقاد بين يديه، والنجائب ـ الفاضلة من الحيوانات ـ وسئل(ع) عن كثرة حجه ماشياً فأجاب: (اني استحي من ربي الا امضي الى بيته ماشياً على قدمي). وذكر التاريخ ان الامام الزكي ريحانة رسول الله(ص) قدم كل غال ونفيس لمرضاة الله تعالى فقد خرج عن جميع ما يملك مرتين وتصدق به على الفقراء، كما شاطر الله تعالى امواله ثلاث مرات، وكان الحسن المجتبى(ع) يتلو الذكر الحكيم بامعان وخشوع فلا يمر بآية فيها نداء للمؤمنين الا قال: "اللهم لبيك" وكان يقرأ في كل ليلة سورة الكهف، وكان(ع) مولعاً بقضاء حوائج الناس، فقد قصده شخص في حاجة وهو في اثناء الطواف ببيت الله الحرام، فقطع الامام(ع) طوافه وسار مسرعاً فقضى حاجته، ورأى ان ذلك افضل عند الله تعالى من اتمام طوافه على ما في الطواف من اجر جزيل.
مستمعينا الكرام: واما امامنا زين العابدين علي بن الحسين(ع) فكان من اخلاقه العظيمة التي شابه فيها اباه وجده(ع) الحلم ومن امثلة ذلك ان شخصاً اعتدى عليه فاشاح الامام(ع) بوجهه عنه، وراح ذلك الشخص اللئيم يخاطب الامام قائلاً له: اياك اعني، واسرع الامام قائلاً: وعنك اغضي. وانصرف الامام(ع) ولم يقابله بالمثل وقد وضع امامه قول الباري تعالى: «واعرض عن الجاهلين». (الاعراف، 199).
ومن مكارم حلم السجاد(ع) ايضاً ان شخصاً سبه فقال له: (ان كنا كما قلت فنستغفر الله، وان لم نكن كما قلت فغفر الله لك)، فبهت الرجل وراح يعتذر من الامام قائلاً: "جعلت فداك، ليس كما قلت انا فاغفر لي" وأخذ بمجامع قلبه وفكره، وراح يستميح منه العذر والعفو وطفق يقول: "الله اعلم حيث يجعل رسالته" فيمن يشاء.
لقد كانت تلك مستمعي العزيز ـ بعض البوادر التي رواها المؤرخون من عظيم حلم الامام السجاد(ع) وهي تكشف عن طاقات لا حدَّ لها من الفضائل الماثلة فيه.
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان الامام ابو جعفر محمد الباقر(ع) من اعمدة الايمان والتقوى في الاسلام، وقد برز على الصعيد العلمي كأعظم شخصية علمية في مواهبه وعبقرياته فكان فيما اجمع عليه المؤرخون ـ مناراً للعلم ومثلاً اعلى في سمو الاخلاق والآداب، وكان من نزعاته الاخلاقية السامية الصبر على ما عاناه من الاحداث الجسام التي تجرعها منذ نعومة اظفاره، فقد راى جده الامام الحسين(ع) على صعيد كربلاء ومعه الصفوة من اهل بيته واصحابه الميامين وهن مجزرين كالاضاحي، وصاحب المصائب والكوارث التي حلت باهل البيت وهو احد رواتها. وعلى أي حال فقد تحمل الامام الباقر(ع) المحن والخطوب التي تذهل كل كائن حي والتي منها: انتقاص السلطة الاموية الجائرة لآبائه الطاهرين واعلانها سبهم على المنابر في خطب الجمعة وصلاة العيدين، فقد جعل الطاغية معاوية سب اهل البيت جزءاً من العقيدة الاسلامية، وفرضاً لازماً على المسلمين، والامام(ع) يسمع ذلك ونفسه تتقطع ألماً وهو لا يتمكن ان ينبس ببنت شفة، فصبر على تلك المحنة الكبرى، وكان ايضاً من المحن الشاقة التي صبر عليها والتي كانت تحز في نفسه انه يرى ويسمع بالتنكيل الهائل لشيعة اهل البيت بايدي جلادي السلطة الاموية.
ونختم البرنامج بذكر قبس من كرم وسخاء الامام جعفر الصادق(ع) حيث ذكر المؤرخون ان "اشجع السلمي" دخل على الصادق(ع) فوجده مريضاً فقال له الامام(ع): اذكر ما جئت له؟ فقال:
البسك الله منه عافيةً
في نومك المعتري وفي ارقك
يخرج من جسمك السقام
كما اخرج ذل السؤال من عنقك
وفي الشطر الاخير من البيت الثاني فيه تلويح بحاجته وهو من لطائف البيان وعرف الامام حاجته فقال(ع) لغلامه: "أي شيء معك؟ فقال اربعمائة، فأمر باعطائها له".
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ نتقدم لحضراتكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونسأله تعالى ان يجعلنا واياكم من شيعة محمد وآل محمد قولاً وعملاً انه سميع مجيب، وحتى اللقاء المقبل نستودعكم الله والسلام عليكم.
*******

القرآن خلق رسول الله (صل الله عليه وآله) الامام الحسين (عليه السلام)

القرآن خلق رسول الله (صل الله عليه وآله)  الامام الحسين (عليه السلام) ورفض الظلم
الامام السجاد (عليه السلام) والصفح الجميل
الامام الباقر (عليه السلام) والانقطاع الى الله
الامام الصادق (عليه السلام) وإعانة المؤمنين والدعاء لهم
والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد الصادق الامين وعلى آله الميامين ...

السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الكرام ـ لقد كان رسول الله(ص) بلطف الله تعالى وعنايته كفوءاً للرسالة الالهية وصورة حية منها، ومن اجل هذا التعليم الالهي الملزم بوجوب سلوك سبيل رسول الله(ص) من لدن امته بامتدادها التأريخي في القول والعمل والانشطة كافة، قال تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة» (الاحزاب، 21). وقال عز وجل: «قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم» (آل عمران، 31).
ولقد بلغ من عظمة شخصية رسول الله(ص) ان سئل علي بن ابي طالب(ع) عنها فأجاب ما مضمونه كيف اصف اخلاق النبي(ص) وقد شهد الله تعالى بانه عظيم حيث قال: «وانك لعلى خلق عظيم». وسئلت احدى زوجاته عن اخلاقه(ص) فأجابت: كان خلق رسول الله القرآن. وكذلك كانت العترة الطاهرة من آله الابرار(ع)، فهذا سيد الشهداء الامام الحسين(ع) كان كجده(ص) في رفض الظلم ومحاربة الباطل ولذلك سمي بابي الضيم وقد صور شعراء أهل البيت هذه الظاهرة البارزة في شخصية الحسين(ع) ومنهم السيد حيدر الحلي (رحمه الله) حيث قال:
وسامته يركب احدى اثنتين
وقد صرت الحرب اسنانها
فأمَّا يرعى مذعناً او تموت
نفس ابى العز اذعانها
فقال لها اعتصمي بالاباء
فنفس الابي وما زانها
اذا لم تجد غير لبس الهوان
فبالموت تنزع جثمانها
رأى القتل صبراً شعار الكرام
وفخراً يزين لها شانها
فشمر للحرب في معرك
به عرك الموت فرسانها
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من مكارم اخلاق الامام السجاد علي بن الحسين(ع) احسانه لاعدائه ومنها ان اسماعيل بن هشام المخزومي كان والياً على المدينة وكان شديد البغض والعداء للاسرة النبوية، وكان كثير الاعتداء والاساءة للامام السجاد(ع) وكان يعلن سب الامام امير المؤمنين(ع) على المنابر تقرباً لاسياده الامويين، ولما تولى الطاغية الوليد بن عبد الملك الخلافة بادر الى عزله حيث كانت بينهما عداوة من قبل، فاوعز الى واليه بايقاف اسماعيل الى الناس لاستيفاء حقوقهم منه "كي يذله ويهينه امام الناس" وفزع اسماعيل المخزومي كاشد ما يكون الفزع من الامام السجاد(ع) وذلك لكثرة اعتدائه عليه واساءته له فقال: ما اخاف الا من علي بن الحسين فانه رجل صالح يسمع قوله فيَّ لكن الامام(ع) الذي حمل اخلاق جده العظيم(ص) سارع اليه وقابله بوجه مشرق بالابتسام والعطف والرأفة وعرض عليه القيام بما يحتاج اليه من المعونة في محنته قائلاً: "يا بن العم عافاك الله لقد ساءني ما صنع بك، فادعنا الى ما احببت"، وذهل اسماعيل المخزومي من هذه الاخلاق العظيمة وهذا الموقف العجيب فسالت الدموع من عينيه وراح يقول: «الله اعلم حيث يجعل رسالته».
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من اخلاق امامنا محمد بن علي الباقر(ع) الانقطاع الى الله تعالى والانابة اليه سبحانه، وقد اخلص للباري عز وجل كاعظم ما يكون الاخلاص، فكان اذا اقبل على الصلاة اصفرَّ لونه خوفاً من الله تعالى وخشية منه وكان يناجي ربه الكريم في غلس الليل البهيم، وكان يقول في مناجاته: (امرتني فلم ائتمر، وزجرتني فلم انزجر، ها انا عبدك بين يديك) وحدث مولاه افلح قال: حججت مع ابي جعفر فلما دخل الى المسجد رفع صوته بالبكاء فقلت له: بابي وامي انت، ان الناس ينتظرونك فلو خفضت صوتك قليلاً؟ فقال لي: "يا افلح، اني ارفع صوتي بالبكاء لعل الله تعالى ينظر اليَّ برحمة فافوز بها غداً"، ثم طاف بالبيت الحرام وصلى خلف المقام فلما فرغ واذا بموضع سجوده قد ابتل من دموع عينيه، وكان يلهج بذكر الله تعالى في معظم اوقاته وكان يجمع وِلدَهٌ قبل طلوع الشمس ويأمرهم بذكر الله تعالى حتى تطلع.
ونختم البرنامج: مستمعينا الافاضل ـ بذكر قبس من سخاء وكرم مولانا ومقتدانا الامام جعفر الصادق(ع)، فقد روي ان المفضل بن قيس بن ومانة وفد على الصادق "وهو من خيار اصحابه" فشكا اليه ضعف حاله وسأله الدعاء فقال (عليه السلام) لجاريته: "هات الكيس الذي فيه اربعمائة دينار" فجاءته به فاعطاه له وقال له "استعن به" فقال المفضل: لا والله جعلت فداك ما اردت هذا، ولكن اردت الدعاء، فقال الامام الصادق(ع): لادٌَ الدعاء لك. وكان من بره وجوده(ع) انه كانت له ضيعة قرب المدينة تسمى "رعين زياد" فيها نخل كثير، فاذا نضج التمر امر الوكلاء ان يثلموا في حيطانها ثلماً ليدخل الناس ويأكلوا من التمر وكان(ع) يأمر لجيران الضيعة الذين لا يقدرون على المجيء كالشيخ والعجوز والمريض لكل واحد منهم بمد من التمر، وما بقي منه يأمر بحمله الى المدينة فيفرق اكثره عل الضعفاء والمستحقين، وكانت قيمة التمر الذي تنتجه الضيعة اربعة الاف دينار، فينفق ثلاثة الاف دينار ويبقي له الفاً.
ومن بره للفقراء ان رجلاً مر به فلم يسلم وكان يتغدى فدعاه الامام(ع) الى تناول الطعام فقال له بعض الحاضرين: السنة ان يسلم ثم يدعى، وقد ترك السلام على عمد، فقابله الامام باللطف والابتسام وقال له: هذا فقه عراقي فيه بخل.
اجل مستمعي الكريم ـ لقد كان الكرم صفة راسخة في شخصية الامام الصادق(ع) كما هي عند اجداده الطيبين الطاهرين(ع).
وختاماً ـ ايها الاكارم ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صدقة السر في سيرة الامام السجاد (عليه السلام) الاطعام عند الامام الصادق(عليه السلام)

صدقة السر في سيرة الامام السجاد (عليه السلام) الاطعام عند الامام الصادق(عليه السلام)
سجدات الامام الكاظم وعبادته
وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى أهل بيته الطاهرين وصحبه الميامين.

السلام عليكم ـ مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاعزاء ـ ان سموَّ اخلاق الرسول(ص) انما جاءت حصيلة لاعداد الهي خاص توفر لرسول الله(ص) قبل الدعوة وواكبه بعدها، فقد كان قبل الدعوة يصنع على عين الله عز وجل، ويعد وفق تخطيط الهي ليكون كفؤاً للرسالة الالهية وتجسيداً حياً لها. والى هذا اللون من الاعداد الالهي لرسول الله(ص) اشار الامام علي(ع) وهو اكثر الخلائق معرفة به في حديث له اذ قال: (ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن ان كان فطيماً اعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن اخلاق العالم ليله ونهاره) وفي ظل تلك الرعاية الربانية الخاصة للرسول(ص) باينت شخصيته جميع ابناء مجتمعه، وصار علماً في سمو اخلاقه وهديه، ومضرباً للأمثال في فضله وعلوَّ شأنه واسماه قومه ـ حتى اهل الجاهلية منهم ـ الصادق الامين تمييزاً له عن سواه.
مستمعينا الافاضل ـ لقد سار ائمة اهل البيت(ع) على نهج جدهم الرسول(ص) فتميزوا بالاخلاق السامية، وهذا الامام علي بن الحسين(ع) المعروف بالسجاد وزين العابدين كان من احب الاشياء اليه الصدقة في السر مخافة ان يعرفه احد من الناس، وقد اراد ان يربط نفسه ومن يعطيهم من الفقراء برباط الحب في الله تعالى وكان(ع) يحث على صدقات السر ويقول: "انها تطفيء غضب الرب". وكان السجاد(ع) يخرج في وسط الليل المظلم فيصل الفقراء بهباته وعطاياه وهم لا يعرفونه، وقد اعتاد الفقراء على صلته فكانوا ينتظرونه واقفين على ابواب بيوتهم، فاذا رأوه تباشروا وقالوا: جاء صاحب الجراب وكان له شخص من اقربائه يأتيه بالليل فيناوله الدنانير فيقول له العلوي: ان عليَّ بن الحسين لا يصلني، ويدعو عليه، فيسمع الامام(ع) ذلك ويغضي عنه، ولما توفي(ع) فقد العلوي الصلة، وعلم ان الذي كان يصله الامام فكان يأتي الى القبر باكياً معتذراً منه، وقال ابن عائشة: سمعت اهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين(ع). وكان الامام السجاد(ع) شديد التكتم في صلاته وهباته فكان اذا ناول احداً شيئاً غطى وجهه لئلا يعرفه الناس، ويقول الذهبي، انه كثير الصدقة في السر وكان يجعل الطعام الذي يوزعه على الفقراء في جراب ويحمله على ظهره وقد ترك ذلك اثراً عليه.
وروى اليعقوبي انه لما غسل بعد وفاته وجدوا على كتفيه جلباً كجلب البعير "والجلبة القشرة التي تعلو الجرح عند البرء" فقيل لاهله: ما هذه الآثار؟ فقالوا: (من حمله للطعام في الليل يدور به على منازل الفقراء).
مستمعينا الاعزاء ـ من الصفات الرفيعة التي حث الامام الصادق(ع) عليها السخاء حيث قال: "السخاء في الله ينفي مصارع السوء والبلاء، ويزيد في العمر". وقال(ع): اقربكم الى الله تعالى اسخاكم، وقال السخاء شجرة على باب الجنة من تعلق بغصن من اغصانها قادته الى الجنان.
وكان من معالي اخلاق الامام الصادق(ع) تكريمه للضيوف والاحتفاء بهم فكان يشرف على خدمتهم ويأتيهم باشهى الوان الطعام واوفره وكان يكرر عليهم القول وقت الاكل: اشدكم حباً لنا اكثركم اكلاً عندنا. وكان يأمر في كل يوم بوضع عشر ثبنات من الطعام يتغدى على كل ثبنة عشرة.
وهكذا نعرف ـ مستمعي الكريم ـ ان السخاء ميزة راسخة عند ائمة اهل البيت(ع) فهم معدن الكرم ومنبع المعروف.
وننتقل ـ مستمعينا الاكارم ـ الى امامنا موسى بن جعفر الكاظم(ع) لنتحدث عن دوام انابته الى الله تعالى وانقطاعه اليه وتمسكه بحبل طاعته حيث ذكر الرواة عن خوفه(ع) وخشيته من الله عز وجل انه كان يبكي من خشيته تعالى حتى تخضلَّ كريمتهٌ من دموع عينيه. وقد روى الشيباني قال: كانت لابي الحسن موسى في بضع عشرة سنة سجدة في كل يوم بعد ابيضاض الشمس الى وقت الزوال، ولكثرة سجوده(ع) كانت له ثفنات في مواضع سجوده كثفنات البعير، وكان له غلام يقصها من جبينه وعرنين انفه وفي ذلك قال بعض الشعراء:
طالت لطول سجود منه ثفنته
فقرحت جبهة منه وعرنينا
رأى فراغته في السجن منيته
ونعمة شكر الباري بها حينا
ودخل الكاظم(ع) الجامع النبوي في اول الليل فسجد سجدة واحدة وهو يقول بخضوع وخشوع: (عظم الذنب عندي، فليحسن العفو عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة) وجعل يردد هذه الكلمات بانابة وخشوع حتى اصبح الصبح وحينما اودعه طاغية بني العباس هارون في سجن الربيع كان يطل من اعلى القصر فيرى ثوباً مطروحاً في مكان خاص من البيت لم يتغير عن موضعه فتعجب من ذلك وقال للربيع: ما ذاك الثوب الذي اراه كل يوم في ذلك الموضع؟ فقال له الربيع: ما ذاك بثوب، وانما هو موسى بن جعفر له في كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس الى وقت الزوال. واندهش الطاغية هارون وراح يبدي اعجابه بعبادة الامام قائلاً: اما ان هذا من رهبان بني هاشم، والتفت الربيع الى هارون طالباً منه ان يطلق سراحه ولا يضيق عليه في السجن قائلاً: يا امير المؤمنين مالك قد ضيقت عليه في الحبس؟ فأجاب الطاغية المغرور بعنف: هيهات لابد من ذلك؟
اجل ـ مستمعي العزيز ـ ان حرص هارون العباسي على الملك وحبه للدنيا قد صداه عن الطريق القويم ودفعاه الى سجن الامام الكاظم وحرمان المسلمين من التمتع بعلومه وبركاته والاستفادة من مواهبه(ع).
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم من برنامج "الخلق العظيم" نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

الرسول الاكرم (صل الله عليه وآله) هو القرآن الناطقعطاء الامام الرضا (عليه السلام)

الرسول الاكرم (صل الله عليه وآله) هو القرآن الناطقعطاء الامام الرضا (عليه السلام) بحفظ كرامة الناس
مواساة الامام الجواد (عليه السلام) لمن تنزل به المصائب
أثر مواعظ الامام علي الهادي (عليه السلام) في الهداية
والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل ـ لقد تجلت الاخلاق الالهية باعلى مراتبها في شخصية الرسول المصطفى(ص) الذي بعثه الله عز وجل برسالته الخاتمة لينهض باعظم عملية تغييرية في التاريخ، ولقد عمل(ص) وسعه لاحداث تلك العملية التغييرية في حياة الانسان في الفكر والعمل ومرافق الحياة ومؤسساتها كافة، فكانت تجربته(ص) اروع واتقن تجربة عرفها تاريخ البشر على الاطلاق.
القرآن الكريم قد احتل مركز الاشعاع الاول في الحياة الاسلامية في اطار الفرد والمجتمع وسيرة رسول الله(ص) تمثل القرآن الناطق أي التجسيد الكامل لقيم كتاب الله عز وجل فهي والقرآن الكريم يشكلان وجهين لعملة واحدة، ومن هنا فأن وعي السيرة المحمدية والانفتاح عليها انما هو وعي للرسالة بوجهها الحقيقي السليم.
اجل ـ مستمعي الكريم ـ وقد سارت العترة الطاهرة من اهل بيت النبوة على نهج جدهم المصطفى(ص)، فهذا ـ على سبيل المثال ـ الامام علي بن موسى الرضا(ع) وهو من كنوز العلم والحكمة في مواهبه وعبقرياته ومن شموس ائمة الهدى دعاة الاصلاح الاجتماعي في دنيا الاسلام وقد مثل جده الرسول(ص) وآباءه الطيبين في معالي اخلاقه وسمو ذاته في جميع مناحي حياته فقد اتجه صوب الله تعالى وتجرد تجرداً كاملاً عن النزعات المادية التي مآلها الى التراب.
فمثلاً ذكر المؤرخون نماذج مشرقة من كرمه وسخائه اذ قالوا: ان رجلاً من خراسان سلم على الامام الرضا(ع) وقال له: انا رجل من محبيك ومحبي آباءك ومصدري من الحج، وقد نفدت نفقتي وما معي من الحج ما ابلغ به مرحلة فان رأيت ان ترجعني الى بلدي، فاذا بلغت تصدقت بالذي تعطيني عنك فقال له: "اجلس يرحمك الله" واقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا وبقي الامام(ع) ومعه سليمان الجعفري فاستأذن منه الامام ودخل الدار، ثم خرج وصاح للخراساني فقام اليه وقال له: "خذ هذه المئتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك ولا تتصدق بها عني" وانصرف الرجل وقد غمره كرم الامام(ع) وانبرى سليمان الجعفري فقال للامام: جعلت فداك، لقد اجزلت للخراساني ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه؟ فأجابه(ع): انما صنعت ذلك مخافة ان ارى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته اما سمعت حديث رسول الله(ص): (المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول)، اما سمعت قول الشاعر: "متى آته يوماً لاطلب حاجة رجعت الى اهلي ووجهي بمائه".
مستمعينا الكرام ـ واما امامنا محمد بن علي الجواد(ع) فهو من اروع صور الفكر والعلم في الاسلام وقد فجر ينابيع العلم والحكمة في الارض، وكان الرائد للنهضة العلمية والثقافية في عصره، وقد هرع العلماء والفقهاء ورواة الحديث وطلاب الحكمة الى مقامه الرفيع للانتهاك من نميز علومه ومعارفه وهو بسنه المبكر، وهو دليل حاسم على ان الائمة العظام من اهل بيت النبوة قد منحهم الله تعالى الحكمة وفصل الخطاب من دون فرق بين الكبير منهم والصغير.
مستمعينا الافاضل ـ ومن معالي اخلاق الامام الجواد(ع) مواساته للناس في السراء والضراء، ومن بين الذين واساهم ابراهيم بن محمد البغدادي، فقد جرت عليه مظلمة من قبل الوالي فاخبر الامام بذلك فتألم الامام له وكتب له رسالة يواسيه على ما حل به جاء فيها: "عجل الله نصرتك على من ظلمك وكفاك مؤونته وابشر بنصر الله عاجلاً ان شاء الله وبالآخرة آجلاً، واكثر من حمد الله تعالى".
وكذلك كان الامام الجواد(ع) يواسي المصابين والمنكوبين فقد بعث برسالة الى رجل فجع بفقد ولده جاء فيها بعد البسملة: "ذكرت مصيبتك بعليٍّ ابنك وذكرت انه كان احب ولدك اليك، وكذلك الله عز وجل انما يأخذ من الولد وغيره ازكى ما عند اهله ليعظم به اجر المصاب بالمصيبة فاعظم الله اجرك واحسن عزائك وربط على قلبك انه قدير وعجل الله عليك بالخلف فارجو ان يكون الله تعالى قد فعل ان شاء الله".
أجل ـ مستعمي الكريم ـ لقد اعربت هذه الرسالة عن تعاطف الامام(ع) مع الناس ومشاركته لهم في احزانهم وآلامهم.
واما الامام علي الهادي(ع) فقد كان من اخلاقه السامية ارشاد الضال الى طريق الحق وهدايته الى سواء السبيل، فقد هدى باذن الله تعالى ابا الحسن البصري المعروف بالملاح وكان واقفياً قد اقتصر على امامة الامام موسى بن جعفر(ع) فالتقى به الامام الهادي(ع) وقال له: "الى متى هذه النومة؟ اما آن لك ان تنتبه منها"، واستيقظ الرجل من غفلته، فقد اثرت هذه الكلمات في نفسه ورجع الى الحق وترك الوقف.
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونساله تعالى ان يهدينا الى صراط المستقيم انه سميع مجيب. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

خشوع النبي (صل الله عليه وآله) في صلاته وإهتمامه بها الامام السجاد (عليه السلام)

خشوع النبي (صل الله عليه وآله) في صلاته وإهتمامه بها الامام السجاد (عليه السلام) والاستعداد لسفر الآخرة
الامام الهادي (عليه السلام) وتكريم العلماء المدافعين عن الدين الحق
وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل ـ ان الصلاة سكينة النفس وطهارة الروح واقوى مظاهر العلاقة بين العبد وربه وقد امر الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين ان يقيموا الصلاة في اوقات معلومات وخمس فرائض كل يوم وهم من اجل ذلك يترددون على ساحة الله العظيم كلما آن وقت للصلاة، وبناءً على ما تحتله الصلاة من مكانة عظمى في الرسالة الاسلامية فقد كان اهتمام رسول الله(ص) بها وتعاهده لامرها منقطع النظير، الامر الذي تكشفه سيرته العطرة في هذا المضمار عن الحسين بن علي(ع) وهو بصدد ذكر خشوع رسول الله(ص) في صلاته ـ يقول: كان يبكي حتى يبتل مصلاه خشية من الله عز وجل من غير جرم أي من غير صوت مرتفع.
ولعظيم خشوعه(ص) في صلاته يقول مطرف بن عبد الله بن الشخير في روايته عن ابيه قال: رأيت النبي(ص) يصلي ولصدره ازيز كأزيز المرجل ـ وهو صوت غليان الماء في الاناء ـ وهو اشارة الى تردد صوت بكاء الرسول(ص) في صدره الشريف واختناقه بعبرته.
ولأهمية الصلاة لديه وتعاهد الرسول(ص) لامرها اشار امير المؤمنين علي(ع) في حديث له يوصي به اصحابه: وكان رسول الله(ص) نصباً بالصلاة بعد التبشير له بالجنة لقول الله سبحانه: «وأمر اهلك بالصلاة واصطبر عليها» فكان يأمر اهله ويصبر عليها نفسه. ومعنى النصب ـ مستمعي الكريم ـ العناء والتعب.
مستمعينا الاعزاء ـ لقد ذكر التاريخ باحرف من نور ان الامام السجاد علياً بن الحسين(ع) لم يبتغ في صدقاته وبرّه الى الفقراء مدحاً او اجراً من احد، وانما كان يبغي وجه الله تعالى وما يقربه اليه زلفى وقد وضع امامه قوله تعالى: «الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما انفقوا منّاً ولا اذى لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون» (البقرة، 262).
روى الزهري قال: رايت علي بن الحسين(ع) في ليلة باردة وهو يحمل على ظهره دقيقاًً فقلت له: يابن رسول الله، ما هذا؟ فقال له الامام بصوت خافت، "اعدٌّ سفراً، واعدٌّ له زاداً احمله الى موضع حريز". والحريز "الحصين" ولم يفهم الزهري ما اراد الامام فاسرع قائلاً: هذا غلامي يحمله عنك ولم يجبه الامام فتضرع اليه الزهري ان يحمله عنه بنفسه الا انه اصر على ما ذهب اليه وقال له: (ولكني لا ارفع نفسي عما ينجيني في سفري، ويحسن ورودي على ما ارد عليه، اسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك)، وانصرف الزهري عن الامام، وبعد ايام التقى به وكان قد ظن ان الامام على جناح سفر ولم يرد ان يخبره عنه، فقال له: يابن رسول الله، لست ارى لذلك السفر الذي تركته اثراً؟ فأخبره الامام(ع) بالسفر الذي يريده وهو السفر الى دار الحق قائلاً: (يا زهري ليس ما ظننت، ولكنه الموت، وله استعد، انما الاستعداد للموت تجنب الحرام، وبذل الندى للخير).
مستمعينا الاكارم، لقد كان من مكارم الامام علي بن محمد الهادي(ع) تكريمه وتبجيله للعلماء لانهم منابع النور والوعي في الاسلام وقد كرم(ع) احد علماء المؤمنين وقد بلغه انه حاجج ناصبياً فافحمه، فسر بذلك، ووفد العالم على الامام(ع) فقابله بحفاوة وتكريم، وكان مجلسه مكتظاً بالسادة العلويين والعباسيين، فاجلسه على دست "أي وسادة" واخذ يحدثه ويسأله عن حاله سؤالاً حفياً فشق ذلك على السادة الحاضرين فالتفتوا الى الامام قائلين له بعتاب: كيف تقدمه على السادة من بني هاشم؟
فاجابهم الامام(ع) برفق ولطف قائلاً: اياكم ان تكونوا من الذين قال الله تعالى فيهم: «الم تر الى الذين اوتوا نصيباً من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون» (آل عمران، 23).
اترضون بكتاب الله عز وجل حكماً؟ فانبروا جميعاً قائلين بلهجة واحدة: نعم يابن رسول الله. وأخذ الامام(ع) يدلي عليهم ببالغ الحجة ضرورة تكريم العالم وتقديمه على غيره قائلاً: أليس الله تعالى قال: «يا أيها الذين آمنوا اذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم واذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات» (المجادلة، 11).
فلم يرضى للعالم المؤمن الا ان يرفع على المؤمن غير العالم، كما لم يرض للمؤمن الا ان يرفع على غير المؤمن، اخبروني عن قوله تعالى: «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات» هل قال: يرفع الله الذين اوتوا النسب درجات، او ليس قال الله: «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون» (الزمر، 90). فكيف تنكرون رفعي لهذا لما رفعه الله تعالى، "ان كسر هذا لفلان الناصب بحجج الله تعالى التي علمه اياها لاشرف من كل شرف في النسب" وسكت الحاضرون فقد رد عليهم الامام الهادي(ع) ببالغ الحجة وقوة البرهان.
وختاماً ـ ايها الاكارم ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وجزاكم الله خير الجزاء وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

حب الصلاة من الاخلاق المحمدية الصبر على المصائب في سيرة السجاد(ع)

حب الصلاة من الاخلاق المحمدية الصبر على المصائب في سيرة السجاد(ع)
إعانة المؤمنين في سيرة الكاظم(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على حبيبه محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم (الخلق العظيم) هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
لقد كان من ذاتيات النبي(ص) دوام الانابة الى الله عز وجل في الصلاة انه(ص) كان ينتظر وقت الصلاة ويشتد شوقه ويترقب دخوله ويقول لبلال مؤذنه: (أرحنا يا بلال).
ولمدى تعلقه بالله تعالى وانشداده اليه عن طريق الصلاة اشار(ص) في حديثه لابي ذر الغفاري(رض): (يا ابا ذر ان الله تعالى جعل قرة عيني في الصلاة وحببها اليَّ كما حبب الى الجائع الطعام، والى الظمآن الماء، فان الجائع اذا اكل الطعام شبع واذا شرب الماء روي وانا لا اشبع من الصلاة).
ومن مصاديق دأبه على العبادة والتوجه الى الله سبحانه وشكره فضله العظيم عليه ما روي عنه(ص) من انه صلى حتى انتفخت قدماه فقيل له: اتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال(ص): (أفلا أكون عبداً شكوراً)؟
لقد كان من معالي اخلاق الامام السجاد علي بن الحسين(ع) الصبر على المحن والاحداث الجسام التي مرت به، فقد طافت به الخطوب منذ ان ادرك الحياة الى ان فارقها فقد فجع بوفاة والدته وهو في المرحلة الاولى من طفولته، كما شاهد(ع) وهو في غضون صباه شهادة جده الامام امير المؤمنين(ع) على يد المجرم الخبيث عبد الرحمن بن ملجم واعقب ذلك المحنة الكبرى وهي خذلان جيش الامام الحسن(ع) واضطراره الى الصلح وما اعقب ذلك من ازمات خطيرة على شيعة اهل البيت عليهم السلام حينما تسلم معاوية قيادة الحكم فطغى واسرف في اراقة الدماء الزكية ممن يدينون بالولاء لاهل البيت فسَمَلَ منهم العيون والقى الكثير منهم في زنزانات السجون، واسقط حقوقهم المدنية، ثم اغتال سبط الرسول(ص) بالسم وفرض ولده الفاسق يزيد حاكماً على المسلمين واخذ البيعة له بالقسر، وبعد هلاك الظالم معاوية فجَّر سيد الشهداء وابو الاحرار الامام الحسين(ع) ثورته الكبرى لانقاذ المسلمين من الحكم الاموي الذي استهدف القضاء على القيم الاسلامية، كذلك رأى الامام زين العابدين(ع) العصابات المجرمة من جيوش النفاق الاموي التي احاطت بأبيه في صعيد كربلاء وهي تحصد رؤوس الصفوة من أهل بيت النبوة واصحابهم المخلصين ثم احاط الجناة بالامام الحسين(ع) رائد العدالة الاجتماعية في دنيا الاسلام وهم يوسعونه ضرباً بسيوفهم وطعناً برماحهم حتى استشهد سلام الله عليه دفاعاً عن الاسلام العظيم وعن كرامة المسلمين ثم احاطوا بالامام السجاد(ع) وهو يعاني المرض الشديد وقد فقد اهل بيته، فاحرقوا خباءه واخبية عقائل النبوة ونهبوا ما عليهن من حلل وحملوه اسيراً مع ودائع الوحي الى لقيط وضيع وهو ابن مرجانة فقابل الامام بالشماتة والازدراء واراد قتله الا ان عمته العقيلة زينب(ع) انقذته بمشيئة الله تعالى، وبعد ذلك حمل الامام مع نساء واطفال اهل البيت(ع) الى وضيع آخر هو يزيد الملعون وقد جرت عليه من المحن والخطوب ما تذوب لها لفائف القلوب.، لقد تجرع كل ذلك وهو صابر محتسب قد اوكل امره الى الله تعالى ورضي بقضائه، فأيُّ نفسٍ ملائكية كانت نفسه الشريفة التي هي امتداد لنفوس آبائه العظام الذين وهبوا ارواحهم لله تعالى، وتفانوا في خدمة الدين الحنيف، وتسلحوا بالصبر على ما عانوه من الخطوب السود، وكان زين العابدين(ع) يرى الصبر من الغنائم وانه رأس طاعة الله تعالى.
ان قوة شخصية الامام السجاد(ع) وعدم انهيارها امام الاحداث المذهلة تعد من اندر الشخصيات على امتداد التأريخ.
وعن الامام موسى الكاظم(ع) حث المسلمين على اغاثة من استجار بهم وحذر من عدم اجابته قال(ع): (من قصده رجل من اخوانه مستجيراً في بعض احواله فلم يجره بعد ان يقدر عليه فقد قطع ولاية الله عز وجل).
اجل ان التثاقل في اجابة المستجير وترك اغاثته توجب سخط الله تعالى والمزيد من عقابه.
روي انه كانت لمحمد البكري ديون على جماعة من اهل المدينة فطالبهم فلم يستجب له احد، فرأى ان يتشرف بمقابلة الامام الكاظم(ع) ويشكو اليه حاله، فمضى لمقابلته فوجده في ضيعة له تسمى "نقمى" فقصده وبعد الالتقاء به عرض عليه حاجته وضيق حاله فامر الامام(ع) غلامه بالانصراف لئلا يرى الرجل فيكون عليه ذل السؤال ثم اعطاه صرَّة فيها ثلاثمئة دينار لعلها كانت اكثر من ديونه وانصرف الرجل داعياً له بالخير وشاكراً نعمته عليه.
وفي الختام ـ ايها الافاضل ـ شكراً جزيلاً لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نترككم برعاية الباري عز وجل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إباء الامام زين العابدين(ع)

صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إباء الامام زين العابدين(ع)
صبر الامام الكاظم(ع)
الرضا(ع) وإعانة الضعفاء
الامام الجواد(ع) ومواساة أهل المصائب
والصلاة والسلام على ذي الخلق العظيم محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامج (الخلق العظيم) راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
حول صلاة رسول الله(ص) في الليل يحدثنا عبد الله بن عباس(رض) بقوله: (حتى اذا انتصف الليل او قبله بقليل او بعده بقليل استيقظ رسول الله(ص) فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام الى شنٍ معلَقة "والشن قربة الماء" فتوضأ منها فاحسن وضوءه ثم قام يصلي فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم اوتر ثم اضطجع حتى جاء المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح). وعن احد الصادقين(ع) قال: (ان رسول الله(ص) كان يصلي بعدما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة) . وسئلت امُّ سلمة عن صلاة رسول الله(ص) في الليل فقالت: (وما لكم وصلاته كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما ينام، ثم ينام قدر ما صلى ثم يصبح) .
لقد كان من معالي اخلاق الامام زين العابدين(ع) العزة والاباء، وقد ورث هذه الظاهرة الفذة من اجداده الطاهرين ومن ابيه الحسين(ع) الذي سار الى الموت بعزة وشموخ في سبيل عزته وكرامته وهو القائل للعصابة المجرمة من جيش يزيد "عليه اللعنة": (لا والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقرُّ لكم اقرار العبيد) وقال(ع): (لا ارى الموت الا سعادة، والحياة مع الظالمين الا برما) .
وتمثلت هذه الظاهرة العظيمة في ولده زين العابدين(ع) ودعا لها عباد الله بفعله وقوله فقد قال: (من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا) .. وقال: (ما احب ان لي ببذل نفسي حمر النعم) . ولما حمل اسيراً الى الشام لم يكلف احداً من الموكلين بحراسته باي شيء كما لم يكلم أي احد منهم تنبيهاً لهم الى سوء فعالهم ومن سمو ذاته(ع) ان احد اعمامه اخذ منه بعض حقوقه بغير حق وكان بمكة والوليد كان ملكاً وحضر موسم الحج فقيل له: لو سئلت الوليد ليرد عليك حقك؟ فأجابهم(ع) بهذه الكلمة الخالدة في دنيا الكرامة والشرف قائلاً: (أَفي حرم الله عز وجل أسأل غير الله عز وجل، اني آنف ان أسأل الدنيا من خالقها، فكيف أسألها من مخلوق مثلي) . ومن عزته وإبائه(ع) انه ما اكل بقرابته من رسول الله(ص) درهماً قط، فلقد كان عصياً على كل ما يتنافى مع سمو شخصيته.
ومن الصفات الكريمة التي ينبغي للمؤمن ان يتحلى بها الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لمشيئته وقد امر الامام موسى الكاظم(ع) به حيث قال: (ينبغي لمن عقل عن الله تعالى ان لا يستبطئه في رزقه ولا يتهمه في قضائه) . وهذه الصفة هي من افضل الصفات التي يتسلح بها المؤمن في حياته.
ولما اودع طاغية بني العباس هارون الامام الكاظم(ع) في السجن تفرغ امامنا الصابر المجاهد للعبادة، فكان صائماً في النهار وقائماً في الليل وقد شكر الله تعالى على تفرغه لطاعته قائلاً: (اللهم اني طالما كنت أسألك ان تفرغني لعبادتك وقد استجبت مني فلك الحمد على ذلك) .
لقد كان من اخلاق الامام الرضا(ع) التي دعا اليها عون الضعيف حيث قال(ع): (عونك للضعيف افضل من الصدقة) ، ومن الاعمال الصالحة والخلق الكامل الفرج عن المؤمن اذا وقع في محنة، قال(ع): (من فرج عن مؤمن فرج الله عنه يوم القيامة) .
ومن كرم وسخاء الامام الرضا(ع) ان فقيراً قصده وقال له: اعطني على قدر مروءتك؟ فأجابه الأمام(ع): (لا يسعني ذلك) .
أي ان مروءة الامام لا حد لها، والتفت الفقير الى ذلك فقال له: اعطني على قدر مروءتي؟ فقابله الامام(ع) بوجه مشرق بالابتسام والبشر قائلاً: اذن نعم، وامر له الامام بمئتي دينار.
ومن بره وكرمه(ع) انه اذا اتى بصحفة طعام يامر بها الى المساكين ويتلو قوله تعالى فلا اقتحم العقبة ويقول: (علم الله عز وجل ان ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة فجعل له السبيل الى الجنة) .
ونختم البرنامج بذكر قبس من معالي اخلاق الامام محمد الجواد(ع) وهي مواساته للناس في مصائبهم واحزانهم فقد كتب اليه شخص يشكو اليه ما المَّ به من الاسى لفقد ولده فأجابه الامام برسالة تعزية جاء فيها: (اما علمت ان الله عز وجل يختار من مال المؤمن ومن ولده انفسهم ليؤجره على ذلك) .
وبهذا اللطف والاحسان الذي غمر به قلوب المؤمنين فقد اخلصوا له وآمنوا بامامته، باذن الله تعالى.
وختاماً نتقدم اليكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجزاكم الله خير الجزاء. وحتى اللقاء المقبل نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

الاهتمام بالدعاء في السيرة المحمدية صور من شجاعة الامام السجاد(ع)

الاهتمام بالدعاء في السيرة المحمدية صور من شجاعة الامام السجاد(ع)
من آداب الامام الرضا (عليه السلام)
وصلى الله على سيد الخلق اجمعين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم (الخلق العظيم) آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
الدعاء في الاسلام تعبير حي عن شعور الانسان بحاجته الدائمة الى الله عز وجل في جميع اموره واعترافه الخاضع بالعبودية له تعالى التي تتجسد في الشعور بالارتباط العميق به عز وجل ومن البداهة بمكان أن الايمان الواقعي لا يتحقق بدون هذا الشعور وهذا الاحساس اذ لا معنى للايمان بالله تعالى دون الاحساس بقدرته التي لا تقف عند حد وقوته المطلقة التي لا تنتهي. ولان الدعاء ترجمة حية لايمان العبد بهذه الحقيقة العظمى فان الشريعة الالهية ما فتئت تحمل المؤمنين على الاهتمام بالدعاء والانشداد الى الله تعالى من خلاله والتماس رحمته وعفوه وتسديده واعلان الخضوع والعبودية له في كل آن. وللاهمية البالغة التي يحتلها الدعاء في الاسلام فان رسول الله(ص) كان سباقاً اليه متعاهداً لامره فقد كان دائم الضراعة الى الله تعالى دائم الذكر له سبحانه حتى لا تكاد تجد ساعة من ساعات عمره الشريف دون ان تكون عامرة بالدعاء الى الله عز وجل ـ كما تطلعنا على ذلك سيرته العطرة ـ فهو يدعو اذا نزل به كرب او هم ويدعو عند الصباح وعند رؤية الهلال وبعد كل صلاة وكل نافلة وعند طلوع الشمس وعند السفر وبعد السفر، ويدعو(ص) لحفظ القرآن وعند تجدد النعم بل يدعو في جميع حالاته واوضاعه. فمن دعائه(ص) اذا وضعت المائدة بين يديه: (سبحانك الله ما احسن ما تبتلينا، سبحانك ما اكثر ما تعطينا، سبحانك ما اكثر ما تعافينا، اللهم اوسع علينا وعلى فقراء المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات).
ومن دعائه(ص) بعد نافلة الصبح، قال علي امير المؤمنين(ع) (ان رسول الله(ص) كان اذا صلى ركعتين قبل صلاة الغداة اضطجع على شقه الايمن وجعل يده اليمنى تحت خده الايمن)، ثم قال: (استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها واستعصمت بحبل الله المتين، اعوذ بالله من فورة العرب والعجم واعوذ بالله من شر شياطين الانس والجن، توكلت على الله، طلبت حاجتي من الله، حسبي الله ونعم الوكيل، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).
لقد كان من معالي اخلاق الامام السجاد علي بن الحسين(ع) الشجاعة كأجداده الطاهرين فقد كان من اشجع الناس واربطهم جأشاً ومن شجاعته النادرة لما دخل اسيراً على المجرم الارهابي ابن مرجانة لم يحفل به ولم يخضع لسلطانه فقد جابه الطاغية الامام بكلمات التشفي فرد عليه الامام(ع) بكلمات ملتهبة كانت اشد على الطاغية اللئيم من وقع السيوف، فاستشاط غضباً وامر جلاوزته بقتله فلم يفزع الامام وقال له بنبرة المتوكل على الله تعالى: (اما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة). فانبرت سليلة النبوة السيدة زينب(ع) فانقذته من ذلك المجرم ولولا فضل الله تعالى وحكمته لانقطع نسل الامام الحسين(ع) وسلالة الامامة، ومن شجاعة الامام السجاد(ع) ايضاً انه لما جيء به اسيراً الى الطاغية يزيد بن معاوية ـ عليه اللعنة ـ قابله الامام بكل جرأة ونعى عليه ما اقترفه من عظيم الجريمة بابادته لعترة رسول الله(ص) وخطب في البلاط الاموي خطبته التأريخية التي ايقظت الجماهير وفضحت بني امية ويزيد وانزلته من قصره الى قبره.
نعم ـ لقد ورث الامام زين العابدين(ع) الشجاعة من جده الرسول(ص) ومن جده الوصي امير المؤمنين(ع) ومن ابيه الامام الحسين(ع) وهم من اشجع ما خلق الله تعالى، فليس في دنيا الاسلام من يضارعهم في البطولة والبسالة وقوة العزم والصلابة في الدفاع عن الحق.
تحدث الامام الصادق(ع) مع اصحابه عن بعض الصفات الكريمة التي ينبغي الاخذ بها فقال: (خمس من لم تكن فيه لم يكن كثير مستمتع: الدين، والعقل، والادب، والحرية، وحسن الخلق). وهذه الصفات من امهات الفضائل فمن اتصف بها بلغ ارقى مراتب الكمال، وهذا ما حدث لحفيده الامام علي بن موسى الرضا(ع) حيث بلغ ارقى مراتب الكمال باخلاقه الشريفة وذكر التأريخ باحرف من نور ما قاله ابراهيم بن العباس عن مكارم اخلاقه(ع) قال: (ما رأيت ولا سمعت باحد افضل من ابي الحسن الرضا(ع) ما جفا احداً قط، ولا قطع على احد كلامه، ولا رد احداً عن حاجة، وما مد رجليه بين جليسه، ولا اتكأ قبله، ولا شتم مواليه ومماليكه، ولا قهقه في ضحكه، وكان يجلس على مائدته مماليكه ومواليه، قليل النوم بالليل، يحيي اكثر لياليه من اولها الى آخرها كثير المعروف والصدقة، واكثر ذلك في الليالي المظلمة).
وختاماً ايها الافاضل نشكركم على حسن المتابعة ونسأله تعالى ان يجعلنا من عباده الصالحين انه سميع مجيب. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري عز وجل والسلام عليكم رحمة الله وبركاته.
*******

الرسول الاكرم(ص) وشدة الثقة بالله الرضا(ع)

الرسول الاكرم(ص) وشدة الثقة بالله الرضا(ع) والتواضع
الهادي(ع) والاهتمام بأعانة المحتاجين
العسكري(ع) وكثرة السجود
وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم معنا في برنامج (الخلق العظيم) راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
ان من ركائز الايمان بالله عز وجل تفويض الامر اليه والاعتماد عليه في مسيرة الحياة واستمداد العون منه في الشدة والرخاء والاعتقاد بانه تبارك وتعالى المدبر للملك والفعال لما يريد، وبيده وحده الاعطاء والمنع والرزق والحرمان، والنصر والهزيمة والسبق والتخلف. والتوكل على الله تعالى زاد المؤمنين في الحياة يمنحهم الثبات عند المحن ويدفعهم بقوة لخوض معركة الحياة ويملأ قلوبهم بالعزة والطمأنينة والاستعلاء على المصاعب والارتفاع على الشدائد.
وفي الكتاب العزيز وسنة الرسول(ص) نصوص وافرة في الثناء على المتوكلين وحث المؤمنين على الاتصاف بروح التوكل واليقين، قال تعالى: «قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون» (التوبة، 51). وقال تعالى: «وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين» (المائدة، 23).
وقال(ص): (من سره ان يكون اغنى الناس فليكن بما عند الله اوثق منه بما في يده). واذا تتبعنا سيرة رسول الله(ص) لالفينا توكله على الله تعالى والثقة بما عنده امراً لايبلغ شأوه ولا يطال مداه، وفي كل مواقفه ونشاطاته. عن جابر بن عبد الله(رض) قال: كنا مع رسول الله(ص) بذات الرقاع فاذا اتينا شجرة ظليلة تركناها لرسول الله(ص) بذات فجاءه رجل من المشركين وسيف رسول الله(ص) معلق بالشجرة فاخترطه فقال: تخافني؟
قال(ص): لا.
فقال المشرك: فمن يمنعك مني؟
قال(ص): الله، فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله(ص) السيف، فقال: من يمنعك مني؟
فقال المشرك: كن خير آخذ.
فقال(ص): (تشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله)؟ .. قال لا، ولكني اعاهدك ان لا اقاتلك ولا اكون مع قومٍ يقاتلونك، فخلى(ص) سبيله فأتى المشرك اصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس.
لقد كان من معالي اخلاق الامام علي بن موسى الرضا(ع) كثرة البر والاحسان للعبيد حيث عرف عنه(ع) عتقه للعبيد وتحريرهم من رق العبودية، ويقول الرواة: انه اعتق الف مملوك، ومن بره بهم ما رواه عبد الله بن الصلت عن رجل من اهل بلخ قال: كنت مع الرضا في سفره الى خراسان فدعا بمائدة جمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت له: (جعلت فداك، لو عزلت لهؤلاء مائدة)؟ فقد اراد الرجل ان لا يجلس الامام مع السودان ويتناول معهم الطعام فأجابه الامام قائلاً: (ان الرب تبارك وتعالى واحد والام واحدة، والجزاء بالاعمال).
نعم ان سيرة أئمة اهل البيت(ع) جميعاً كانت ترمي الى الغاء التمايز العنصري بين الناس، وانهم جميعاً من معدن واحد لا يفضل بعضهم على بعض الا بالتقوى وعمل الخير.
اخوتي الاعزاء لقد كان الامام علي الهادي(ع) من اندى الناس كفاً واكثرهم براً واحساناً بالفقراء والبؤساء، وذلك بالرغم من الحصار الاقتصادي الذي فرضه عليه الطاغية المتوكل العباسي روي ان اعرابياً قصده في ضيعة له فسأله الامام عن حاجة له، فقال له: يا بن رسول الله انا رجل من اعراب الكوفة المتمسكين بولاية جدك علي بن ابي طالب(ع) وقد ركبني فادح ـ أي دين ـ اثقلني حمله، ولم ار من اقصده سواك؟ فرقَّ الامام لحاله, واكبر ما توسل به من الولاء لجده امير المؤمنين(ع) وكان لا يجد ما يسعفه بشيء من المال، فكتب له ورقة بخطه جاء فيها: (ان للاعرابي ديناً عليَّ)، وعين مقداره، وقال له، خذ هذه الورقة فاذا وصلت الى سر من راى، وحضر عندي جماعة فطالبني بالدين الذي في الورقة، واغلظ عليَّ في ترك ايفائك، ولا تخالفني فيما اقول، فأخذ الاعرابي الورقة، ولما قفل الامام راجعاً الى سرمن رأى قصدته جماعة من عيون السلطة للسلام عليه، فجاء الاعرابي فابرز الورقة، وطالب الامام بتسديد ما فيها، فجعل الامام يعتذر له، والاعرابي يغلظ له في القول وبادر بعض اعوان السلطة الى المتوكل فأخبره بالامر، فأمر بحمل ثلاثين الف درهم للامام، ولما وصلت له قال الامام(ع) للاعرابي: (خذ هذا المال فأوف به دينك وانفق الباقي على عيالك). واكبر الاعرابي ذلك وقال للامام: يبلغ ثلث هذا المبلغ، ولكن الله اعلم حيث يجعل رسالته فيمن يشاء، واخذ الاعرابي المال وهو فرح مسرور يدعو للامام الذي انقذه من البؤس والحرمان.
اجل لقد اكرم الامام الهادي(ع) الفقراء والمحتاجين قربة الى الله تعالى، وحسبه انه من اسرةٍ كانوا يطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيراً.
لقد كان الامام ابو محمد الحسن العسكري(ع) اعبد اهل زمانه واكثرهم انابة وطاعة لله تعالى، فكان يحيى لياليه بالصلاة وتلاوة الكتاب العزيز والسجود لله تعالى، قال محمد الشاكري: كان الامام يجلس في المحراب ويسجد فأنام وانتبه وهو ساجد، لقد اناب الامام العسكري(ع) الى الله تعالى، واخلص في عبادته وطاعته كآبائه الذين وهبوا ارواحهم لله تعالى، وكانوا حملة رسالته ودعاته الواقعيين في الارض.
وفي الختام ايها الاعزاء نتقدم اليكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجزاكم الله خير الجزاء وحتى اللقاء القادم من برنامج الخلق العظيم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

النبي الاكرم(ص) والحث على الانفاق الزهد في سيرة السجاد(ع)

النبي الاكرم(ص) والحث على الانفاق الزهد في سيرة السجاد(ع)
الحلم وكظم الغيظ في سيرة العسكري(ع)
الزهد في طعام امير المؤمنين(ع) وملبسه ومجلسه
والصلاة السلام على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
من العبادات الاسلامية ذات الاثر الايجابي في حياة الامة الاسلامية الصدقات والزكاة بمختلف انواعها فهي الى جانب كونها ذات رصيد كبير في تحقيق التكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع بما يترتب على ذلك من شيوع روح التآخي والود والالفة والشعور بالمسؤولية ازاء الآخرين فانها ذات مردود عظيم على المنفق ذاته وهو مردود التقرب الى الله تبارك وتعالى والشعور بلذة طاعته والاستجابة لاوامره والتحرر من امر الحرص على الماديات ولقد حث القرآن الكريم المؤمنين على اداء الصدقة بعبارات تشرح الصدور الكريمة، قال تعالى: «مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم» (البقرة، 261).
ومن وصية لرسول الله(ص) لعلي(ع) جاء فيها: (واما الصدقة فجهدك جهدك حتى يقال، قد اسرفت ولم تسرف) وقال(ص): تصدقوا ولو بتمرة، فانها تسد من الجائع وتطفي الخطيئة كما يطفي الماء النار. ومن اجل ذلك كان الرسول الكريم(ص) سباقاً الى هذا اللون من العبادة كما هو في سواها من الطاعات والمبررات ووسائل التقرب الى العلي القدير.
لقد كان من اخلاق الامام زين العابدين(ع) الزهد في الدنيا وعدم التاثر بزينتها ومباهجها، وحاشاه ان تخدعه الدنيا بغرورها او ان يستجيب لرغباتها، وقد اجمع المترجمون له(ع) انه كان ازهد الناس في عصره وقد سئل الزهري عن ازهد الناس فقال: علي بن الحسين، وقد رأى الامام زين العابدين(ع) سائلاً يبكي على دنياه فتاثر منه وقال: (لو ان الدنيا كانت في كف هذا ثم سقطت منه لما كان ينبغي له ان يبكي عليها).
اجل ان زهد الامام(ع) كان قائماً على التقوى والورع عن محارم الله تعالى، والاحتياط الشديد في امور الدين كآبائه الكرام(ع) وهم المطهرون من جميع النزعات المادية المعلقة ارواحهم بعز قدس الحق تعالى.
لقد كان من الصفات البارزة في اخلاق الامام ابي محمد الحسن العسكري(ع) سعة الحلم وكظم الغيظ والعفو عن المسيء وقد عمدت الحكومات العباسية الجائرة الى اعتقاله وزجه في سجونها كما صنعت بأبيه الهادي(ع) من قبل وهو صابر محتسب لم يشكو الى احد سوى الله تعالى.
وتميز ايضاً(ع) بارادته الصلبة وعزمه الجبار شأنه شأن جده الرسول(ص) الذي قاوم الالحاد والشرك وصمد امام طغاة قريش وقال كلمته الخالدة: (والله لو وضعوا الشمس بيميني والقمر بيساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى اموت او يظهره الله تعالى)، وكذلك وقف حفيده امام المد الجاهلي في حكومة العباسيين فقد بقي صامداً ينكر عليهم سياستهم الخبيثة التي تفجرت بكل ما خالف الله ورسوله، وقد جهد العباسيون ان يضموه الى جهازهم ويغروه بالاموال الطائلة والمناصب الرفيعة لكنه(ع) اصر على موقفه الراسخ في انكار مخططاتهم الرامية الى اشاعة المنكر والفساد وانفاق ثروات الامة على شهواتهم ولياليهم الحمراء، حتى اعتبره العباسيون الممثل الوحيد لقوى المعارضة لسياستهم الشيطانية القائمة على الظلم والطغيان.
ومسك الختام ان نذكر قبساً من سيرة امير المؤمنين علي(ع) بين الناس فقد خاطبه عاصم بن زياد بقول: (يا امير المؤمنين هذا انت في خشونة ملبسك وجشونة مأكلك).
فأجابه علي(ع): (ويحكم اني لست كأنت، ان الله تعالى فرض على ائمة العدل ان يقدروا انفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيع بالفقير فقره).
وعن سويد بن غفلة قال: دخلت على علي(ع) يوماً وليس في داره سوى حصير رث وهو جالس عليه، فقلت: يا أمير المؤمنين انت ملك المسلمين والحاكم عليهم وعلى بيت المال وتأتيك الوفود وليس في بيتك سوى هذا الحصير؟
فقال(ع): (يا سويد ان اللبيب لا يتأثث في دار النقلة ـ أي دار الدنيا ـ وامامنا دار المقامة ـ أي الآخرة ـ قد نقلنا اليها متاعنا، ونحن منقلبون اليها عن قريب).
نعم ولشدة حرصه(ع) على سلوك سبيل رسول الله(ص) في عدله وزهده اشار عقبة بن علقمة قال: دخلت على علي فاذا بين يديه لبن حامض آذتني حموضته، وكسر ـ أي خبز يابس فقلت: يا امير المؤمنين اتأكل مثل هذا؟
فقال لي: (يا ابا الجنوب، كان رسول الله(ص) يأكل ايبس من هذا، ويلبس اخشن من هذا، وأشار الى ثيابه، فان انا لم آخذ بما اخذ به خفت الا الحق به).
وختاماً ايها الاكارم ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم من برنامج الخلق العظيم نترككم بحفظ الله ورعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

تكريم الامام الحسين(ع) لأتباع الحق الحسنان(ع)

تكريم الامام الحسين(ع) لأتباع الحق  الحسنان(ع) ولطافة تعليمهم الوضوء للشيخ
والصلاة السلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.

لقد اتم الرسول الاكرم(ص) واهل بيته(ع) الحجة على البشرية باتمامهم لمكارم الاخلاق على كافة المستويات وفي كل الحالات فلم يبقوا لتبرير الانسلاخ عن القيم الاخلاقية وسيلة الا وهي مفضوحة ومردودة، اجل فلو درسنا الاخلاق الاسلامية وملئنا الاجواء بالحث عليها والترغيب في الالتزام بكل مفرداتها خاصة فيما يتعلق منها بالجوانب الاجتماعية والابعاد الحضارية ـ التي عبر عنها الاسلام بحقوق الناس ـ لتحولت مجتمعاتنا الى ارقى المجتمعات واصبح واقعنا يتحرك من الجيد الى الاجود في كل مجال. ولقد نقل عن النبي(ص) قوله: (لو علم الرجل ماله في حسن الخلق لعلم انه لمحتاج الى حسن الخلق، فان حسن الخلق يذيب الذنوب كما يذيب الماء الملح).
كما يعلم جميع العقلاء فان سفينة الانسان في الحياة تبحر من الولادة الى الوفاة تبعاً لسفن الذين يتأثر بهم الانسان، ومن الواضح انه ليست كل سفينة توصل ركابها الى ساحل الامان والنجاة، فما السفينة التي ينبغي ان نستفيد منها كي نصل الى بر الامان؟
اجل مستمعينا الاكارم ـ لقد ورد في الحديث الشريف (ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة).
ولكن كيف يكون الحسين(ع) سفينة نجاة نستقلها للوصول الى الجنة؟ والجواب، انما يكون ذلك باتباع الاخلاق الرسالية التي التزم بها في جميع مراحل حياته الرشيدة والحسين(ع) كان هكذا لان الله تعالى جعله كذلك لما رأى فيه الصبر واليقين، وهو سبحانه القائل: «وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون» (السجدة، 24). وقال تعالى: «اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده» (الانعام، 90).
فالواجب اذن هو الاقتداء بمن هداهم الله عز وجل وهذا ما عناه الامام علي(ع) حينما خاطب ولده الحسين بارق كلمة واهدئها لطافة وأدباً وحناناً حيث قال: (يا ابا عبد الله اسوة انت قدماً).
اجل ان شئت شرق او غرب فانك لن تجد سفينة تبحر بك الى السعادة الدائمة غير سفينة الحسين وجده وابيه وامه واخيه والتسعة المعصومين من بنيه )صلوات الله عليهم اجمعين) وقد صنعها الباري تعالى لهداية الانسان الى الغاية القصوى من خلقته، هذا وان سفينة الحسين(ع) ذات خصائص متميزة منها الاضاءة والانشداد والاثارة والانطلاق والاستقامة والانتصار حتى جاء في الحديث عن المعصومين(ع) انفسهم: (كلنا ابواب النجاة وباب الحسين اوسع، وكلنا سفن النجاة وسفينة الحسين اسرع). ولنتدبر الرواية التالية حيث ذكر ابان بن تغلب عن الامام الحسين(ع) انه قال: (من احبنا كان منا اهل البيت، فقلت: منكم اهل البيت؟ قال: منا اهل البيت حتى قالها ثلاثاً، ثم قال(ع): اما سمعت قول العبد الصالح فمن تبعني فانه مني).
اجل ان التشيع للحسين(ع) يعني مشايعته في اخلاقه واهدافه ولا يكفي مجرد الحب في القلب ما لم يتبعه عمل يحبه المحبوب، فهذا هو الواجب الديني الذي نبهنا اليه الامام الباقر(ع) حيث قال: هل الدين الا الحب؟! ان الله يقول: «قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» (آل عمران، 31).
من الصعب ان تنصح وتوجه الى الصواب انساناً اكبرمنك سناً ولكن الحكمة في النصيحة تسهل عليك هذا الصعب، ولننظر في التصرف الحكيم الذي قام به الحسن والحسين(ع) حينما مرَّا على شيخ كبير السن يتوضأ ولا يحسن الوضوء، وكانا (عليهما السلام) آنئذٍ صبيان صغيران السن فاتفقا على التنازع بينهما، يقول كل واحد منهما للآخر انت لا تحسن الوضوء. ليأتيا الى الشيخ، وهكذا قالا له: (ايها الشيخ كن حكماً بيننا يتوضأ كل واحد منَّا سويةً فتوضئا ثم قالا: اينا يحسن؟ فقال الشيخ حيث وجدهما يتوضئان بشكل واحد وجيد، كلاكما تحسنان الوضوء، ولكن هذا الشيخ الجاهل ـ واشار الى نفسه ـ هو الذي لم يكن يحسن، وقد تعلم، الان منكما وتاب على يديكما ببركتكما، وشفعتكما على امة جدكما).
ونختم البرنامج ـ ايها الاحبة الكرام ـ بما يلي:
سأل رجل الامام الحسين(ع) من اشرف الناس؟ فقال(ع) (من اتعظ قبل ان يوعظ واستيقظ قبل ان يوقظ). فقال السائل اشهد ان هذا هو السعيد.
نسأله تعالى ان يجعلنا من هؤلاء السعداء فنتعظ ونغير انفسنا وفق المنهج الحسني والحسيني في التغيير انه سميع مجيب.
وختاماً ـ ايها الكرام ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم من الخلق العظيم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

تجلي الاخلاق الفاضلة في الامام الحسين(ع)

تجلي الاخلاق الفاضلة في الامام الحسين(ع) وسبل التأسي بأخلاقه وصلى الله على ذي الخلق العظيم محمد وعلى آله البررة الكرام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.

ان من اهم واجبات الامام رعاية المجتمع الاسلامي عن كثب وملاحظة كل صغيرة وكبيرة في الحياة الاجتماعية ورصدها لاصلاحها ودفع المفاسد والاضرار بالاساليب الصالحة والامكانات المتوافرة ودعماً للامة الاسلامية وحفظاً للمجتمع من الانهيار او التصدع، وقد ورد عن الامام الحسين(ع) حديث مهم يدل على عمق اهتمام الامام بهذا الامر المهم: قال جعيد الهمداني: اتيت الحسين بن علي فسالني فقال: اخبرني عن شباب العرب؟ قلت اصحاب جلاهقات ومجالس، قال(ع) فاخبرني عن الموالي؟ قلت: آكل ربا، او حريص على الدنيا، قال(ع): «انَّا لله وانا اليه راجعون» واله انهما للصنفان اللذان كنا نتحدث ان الله تبارك وتعالى ينتصر بهما لدينه، يا جعيد همدان: الناس اربعة: فمنهم من له خلاق ـ أي نصيب من الخير ـ وليس له خلق، ومنهم من له خلق وليس له خلاق، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق فذاك اشر الناس ومنهم من له خلق وخلاق فذاك افضل الناس.
وهذا الحديث يدل على جميل مراقبة الامام الحسين(ع) لمجتمع عصره فقوله: كنا نتحدث ـ يدل بوضوح على تداول الامر والتدبير الحكيم والمشورة المستمرة من الامام ومن كان معه حول السبل الكفيلة لنصرة الدين واعزازه وتقوية جانبه وتهيئة الكوادر الكفوءة لهذه الاغراض وانجاحها. والتركيز على شباب العرب بالذات، يعني الاعتماد على الجانب الكيفي في الكوادر العاملة، اذ بالشباب يتحقق التحرك السريع والجريء منهم عصب الحياة الفعال وعليهم تعقد الآمال.
واما الموالي فهم القاعدة العريضة التي ترتفع ارقامها في اكثر المواجهات والحركات وهم اصحاب العمل والمال والذين دخلوا هذا الدين عن قناعة بالحق وحاجة الى العدل ولكن سياسة التهجين والتدجين الاموية جرت شباب العرب الى اللهو واللعب وجرت الموالي الى الانشغال بالاموال والتكاثر بها، وهنا تأتي كلمة «انا لله وانا اليه راجعون» في موقعها المناسب لانها تقال عند المصيبة والمصيبة الحقيقية ان تموت روح القوة والتضحية والجهاد في هذين القطاعين المهمين من الامة.
وتقسيمه(ع) المجتمع الى من له "خلق" وكرامة وشرف يعتمد الاعراف والفساد والامتهان ويرغب في الحياة الحرة الكريمة في الدنيا. والى من له "خلاق" ودين وعمل صالح وضمير ووجدان وعقيدة ورجاء ثواب، يدفعه كل ذلك الى نبذ الباطل وبذل الجهد في سبيل احقاق الحق. فمن جمع الامرين فهوا افضل الناس جميعاً، وهو ممن تكون له حمية ويسعى في الدخول فيمن ينتصر الله به لدينه.
لقد كان الامام الحسين(ع) منذ صغره مهتماً ببناء المجتمع على هدى الاخلاق الرسالية وجده رسول الله(ص) خير اسوة فدعا الى التأسي به وقد اختاره امتثالاً لقول الله تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً» (الاحزاب، 21).
اما في مجال التحلي بالاخلاق الحسينية فينبغي:
اولاً: معرفة الامام الحسين(ع) كشخص كريم ذي مكانة خاصة وكسيرة اخلاقية طاهرة وتتطلب هذه المرحلة قراءة الكتب المعنية او الاستماع الى الخطباء الواعين.
ثانياً: تجلب هذه المعرفة محبة الحسين(ع) ومحبة ما كان يدعو اليه ويعمل به، وهنا يتفاعل العارف روحياً مع ما عرفه من الحسين(ع).
ثالثاً: بعد المعرفة والمحبة لا يبقى سبيل لصاحبهما الا سبيل الطاعة للامام الحسين في اخلاقه العظيمة ويدخل العارف المحب الى هذه المرحلة بشوق وتطوع واصرار يصل الى حد التفاني والذوبان في طريق الحسين(ع) ومع ازدياد المعرفة والمحبة والطاعة يسمو صاحبها الى درجة الذين اجنهم حب الحسين(ع) فتسابقوا معه الى الشهادة في سبيل الله دون مبالاة بالموانع الزائفة والاحساس بالحواجز المادية.
نم وكان الحسين(ع) لتكون تلك الاخلاق المحمدية العلوية متلالئة في حسنها وجمالها وديمومتها وكان الحسين(ع) لتكون الفضائل السلوكية دوماً تنادي الى الحياة الطيبة وتبشر بها الفرد والاسرة والامة، وكان الحسين(ع) لتكون العواطف الانسانية متأصلة في الوجود لا يزعزعها جور الظالمين ولا جهل الفاشلين، وكان الحسين(ع) لتكون الضمائر الحية ممتدة على صفحات التأريخ تشعر بالوخز في باطن المنتهكين للمثل الاخلاقية وكان الحسين(ع) لتكون الثورة فتحاً للقيم النبيلة لافوضى سياسية تدمر قيم الاسلام ولا شعاراً من دون شريعة، وهكذا اعتنقت الروح الحسينية المقدسة مع نور الله في السماوات والارض لتكون ذكرى لمن كان له قلب اوالقى السمع وهو شهيد، وبذلك فالحسين(ع) حقاً هو وارث الانبياء والاوصياء والاولياء في صفاتهم ورسالاتهم الى البشرية جمعاء.
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

شجاعة الحسين(ع) في صفين وطرده الامويين عن المشرعةدعوات الحسين(ع)

شجاعة الحسين(ع) في صفين وطرده الامويين عن المشرعةدعوات الحسين(ع) للتحلي بالاخلاق الفاضلة
والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
والشجاعة قيمة اخلاقية عظيمة واذا تجردت عن الاخلاق الحسنة والهدف الالهي لا تكون شجاعة بل هي الوحشية والقسوة المذمومة، وفي الرواية التالية نجد الفرق بين الاثنين: عن عبد الله بن قيس بن ورقة قال كنت ممن غزى مع امير المؤمنين(ع) في صفين، وقد اخذ ابو ايوب الاعور السلمي ـ وكان من قادة جيش معاوية اخذ الماء وحرزه عن اناس ـ أي منعهم عنه ـ فانصرفوا وعادوا خائبين فضاق صدره ـ أي الامام علي(ع) فقال له ولده الحسين(ع) ـ ذلك الشجاع الضرغام ـ امضي اليه يا ابتاه؟ فقال(ع): امضي يا ولدي. فمضى الحسين(ع) مع فوارس فهزم ابا ايوب عن الماء وبنى خيمته وحط فوارسه واتى الى ابيه واخبره فبكى عليٌّ(ع) فقيل له ما يبكيك يا امير المؤمنين؟ وهذا اول فتح بوجه بركة الحسين(ع) قال: صحيح يا قوم ولكن سيقتل عطشاناً بطف كربلاء حتى تنفر فرسه وتحمحم وتقول: (الظليمة الظليمة من امة قتلت ابن بنت نبيها).
لاحظ الفرق بين الحسين واعدائه انه فرق الاخلاق وعدمها، فرق العدل وعدمه فرق الشرف واللا شرف فرق الشجاعة والدناءة، وهنا تأمل في بقية الموقف لترى جماليته العلوية ومناقبيته الحسينية وفقد اقترح بعض رجال جيش الامام علي(ع) ان يمنع الماء عن جيش معاوية عملاً بمبدأ التعامل بالمثل، ولكن امام المتقين(ع) ابى هذه الاخلاقية الاموية ان يلتزمها، وقد عمل بها يزيد وازلامه المجرمون في كربلاء ـ نعم ايها الاعزاء ـ هذا هو الفرق بين علي(ع) ومعاوية وبين الحسين(ع) ويزيد انه الفرق بين رجال الله الرحماء ورجال الشيطان الاجلاف القساة.
ليس مدح النفس بقصد توضيح الحق ورد الباطل امراً مذموماً، بل المذموم اذا كان المدح بقصد الحب للذات ولجلب المصلحة الشخصية غير المحللة، هكذا هي النظرية الحسينية في تعريف الانسان بنفسه امام الآخرين، روى الشيخ الاجل ابو جعفر الكليني(رض) عن الحكم بن عتيبة قال: لقي رجل الحسين بن علي(ع) بالثعلبية وهو يريد كربلاء فدخل عليه وسلم فقال له الحسين(ع) من أي البلاد انت؟ قال من اهل الكوفة. قال(ع): (اما والله يا اخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لاريتك اثر جبرئيل من دارنا ونزوله بالوحي على جدي يا اخا أهل الكوفة افمستفتي الناس من العلم من عندنا فعلموا وجهلنا)؟ هذا ما لا يكون. فالحسين(ع) هكذا يعرف نفسه ومكانته في الارتباط بالوحي الذي يغنيه العلم بالحق كله، وما كان احد في عصره مساوي له في ذلك ابداً، فالمدح هنا لاجل هداية المستمع الى الحق يعتبر امراً حسناً وليس مذموماً.
من روائع قصار الجمل التي قالها الامام الحسين(ع) في المعاني الاخلاقية قوله: (الصدق عز والكذب عجز، والسر امانة، والجوار قرابة، والمعونة صداقة، والعمل تجربة، والخلق الحسن عبادة، والصمت زين، والشح فقر، والسخاء غنى، والرفق لب).
وقال الحسين(ع): (يعظنا في بناء الاساس الاعتقادي للعمل الاخلاقي: يا بن آدم تفكر وقل اين ملوك الدنيا واربابها الذين عمروا واحتفروا انهارها وغرسوا اشجارها ومدنوا مدائنها، فارقوها وهم كارهون وورثها قوم اخرون ونحن بهم عما قليل لاحقون، يا بن آدم اذكر مصرعك وفي قبرك مضجعك، وموقفكم بين يدي الله تشهد جوارحك عليك يوم تزل فيه الاقدام وتبلغ القلوب الحناجر، وتبيض وجوه وتسود وجوه وتبدو السرائر ويوضع الميزان القسط، يا بن آدم اذكر مصارع آبائك وابناءك كيف كانوا وكيف حلوا، وكأنك عن قليل قد حللت محلهم وصرت عبرة للمعتبر).
وفي الختام ـ ايها السائرون على طريق الحسين(ع) شكراً لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

دعاء الامام الحسين(ع) لنزول المطر لدفع العطش عن الناس وقوفه(ع)

دعاء الامام الحسين(ع) لنزول المطر لدفع العطش عن الناس وقوفه(ع) أمام الشمس لكي لا تؤثر في اخته زينب(ع) وهي نائمة
حديث رسول الله(ص) بشأن شهادة الحسن والحسين
كرم وجود الامام الحسين(ع)
والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد الصادق الامين وآله الابرار الميامين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
عن الامام الصادق عن ابيه عن جده )عليهم السلام) قال: جاء أهل الكوفة الى امير المؤمنين علي(ع) فشكوا اليه امساك المطر، وقالوا له: استسق لنا فقال للحسين(ع): قم واستسق، فقام وحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي وقال: (اللهم معطي الخيرات، ومنزل البركات ارسل السماء علينا مدراراً، واسقنا غيثاً مغزاراً واسعاً غدقاً مجللاً سحَّاً ـ أي غير منقطع ـ سفوحاً ـ أي انصبَّ صبَّاً ـ فجاجاً ـ أي الذي يشق الارض ـ تُنَفِّسُ به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك آمين ربَّ العالمين) فما فرغ الحسين(ع) من دعائه حتى غاث الله تعالى غيثاً غزيراً، واقبل اعرابي من بعض نواحي الكوفة فقال: تركت الاودية والآكام ـ التلول ـ يموج بعضها في بعض.
اظنك ـ ايها المستمع الكريم ـ قد وقعت على بيت القصيد في هذه القصة المعبرة الجميلة، فقد انزل الله تعالى ماءاً لعطاشى اهل الكوفة بدعاء الحسين(ع)، ولا ندري بأي ميزان اخلاقي وزنوا موقفهم بعد سنين قليلة حينما منعوا الحسين واطفاله والنساء والرجال الذين معه في كربلاء وفي تلك الحرارة الحارقة عن قطرة ماء، فقتلوهم عطاشا وصدق من قال:
ملكنا وكان العفو منَّا سجية
ولما ملكتم سال بالدم ابطح ـ مسيل واسع ـ
وحسبكم هذا التفاوت بيننا
وكلُّ اناءٍ بالذي فيه ينضحُ
روي في ايام طفولة السيدة زينب بنت امير المؤمنين(ع) انها كانت نائمة في حجرة نومة القيلولة ـ وهي ساعة قبل الظهيرة ـ فدخل اخوها الامام الحسين(ع) الحجرة فرأى حرارة الشمس ساطعة على وجه اخته زينب(ع) من خلال نافذة الحجرة، فلم يطق الحسين(ع) حتى جعل ردائه امام نور الشمس وعلى قولٍ وقف بنفسه حائلاً لئلاَّ تؤذي حرارة الشمس اخته عقيلة بني هاشم، واحست زينب بتغير الحالة ففتحت عينيها ولمَّا رأت شفقة اخيها وعطفه وحنانه شكرته، وآلت على نفسها ان تردَّ هذا الجميل على اخيها يوماً، وبالفعل جاء ذلك اليوم العظيم وهو يوم عاشوراء الذي تجسدت فيه اسمى آيات البطولة والتضحية والايثار والصبر والحق في جانب الحسين(ع) وأهل بيته واصحابه(ع) وأمَّا الجانب الآخر فقد برزت فيه كل صفات الباطل من خسة ونذالة وجور.
روي ان الامام الحسن(ع) لما دنت وفاته ونفدت ايامه وجرى السم في بدنه تغير لونه واخضر فقال له الحسين(ع): مالي ارى لونك مائلاً الى الخضرة؟ فبكى الحسن(ع) وقال: (يا اخي لقد صح حديث جدي فيَّ وفيك) ثم اعتنقه طويلاً وبكيا كثيراً فسأله الحسين(ع) عن ذلك؟
فقال: اخبرني جدي قال: (لما دخلت ليلة المعراج روضات الجنان ومررت على منازل اهل الايمان، رأيت قصرين عاليين متجاورين على صفة واحدة ـ والكلام ما زال للرسول(ص) ـ الا ان احدهما من الزبرجد الاخضر والآخر من الياقوت الاحمر فقلت: يا جبرئيل لمن هذان القصران؟
فقال: احدهما للحسن والآخر للحسين، فقلت: يا جبرئيل فلم لم يكونا على لون واحد؟ فسكت ولم يرد جواباً فقلت لم لا تتكلم؟
قال: حياءاً منك، فقلت له: سألتك بالله الا ما اخبرتني، فقال: امَّا خضرة قصر الحسن فانه يموت بالسم، ويخضر لونه عند موته، وامَّا حمرة قصر الحسين فانه يقتل ويحمرُّ وجهه بالدم) وعند ذلك بكيا وضجَّ الحاضرون بالبكاء والنحيب.
ويحظى الفقير السائل عند الحسين(ع) بقضاء حاجته مع حفظ ماء الوجه "وهذا ما ينبغي لذوي العطاء والكرم الالتزام به حين يكرمون الفقراء". روي ان الحسين(ع) امر ذات يوم خازن امواله ان يعطي السائل الذي اتى اليه الفاً فأخذ السائل ينقدها "أي يعدها" فقال الخازن بعتنا شيئاً؟ قال السائل ماء وجهي!
فقال الامام الحسين(ع): (صدق، اعطه الفاً والفاً والفاً، الألف الاول لسؤالك، والالف الثاني لماء وجهك، والالف الثالث لانك اتيتنا).
وهنا نتأمل ـ اخي المستمع ـ في حديث الرسول(ص) اذ يقول: «ما جعل الله اولياءه الا على السخاء وحسن الخلق».
وفي الختام ايها الكرام نشكركم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******

أخلاق سيد الشهداء الحسين(ع)

أخلاق سيد الشهداء الحسين(ع) في الصفح والجود والصلاة والسلام على حبيب إله العالمين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.

سبق وان قلنا ان للامام الحسين(ع) اخلاقاً عظيمة قد ورثها من جده العظيم محمد(ص) الذي خاطبه الباري تعالى في القرآن المجيد قائلاً: «وانك لعلى خلق عظيم» ونحن مهما نطالع في مواقفه الاخلاقية(ع) لم نحيط بكل زواياها، ومن ذلك ما ذكره المرحوم المحدث القمي اذ قال: رأيت في بعض الكتب الاخلاقية ما هذا لفظه .. قال عصار بن المصطلق: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي(ع) فاعجبني سمته ورواؤه وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لابيه من البغض، فقلت له: انت ابن ابي تراب؟ فقال(ع): نعم .. فبالغت في شتمه وشتم ابيه، فنظر اليَّ نظرة عاطف رؤوف ثم قال: «اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ... خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين / وامّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم / ان الذين اتقوا اذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون / واخوانهم يمدّونهم في الغيّ ثم لا يقصرون» ... ويستمر عصار بن المصطلق في روايته قائلاً:
ثم قال(ع) لي: (خفض عليك، استغفر الله لي ولك انك لو استعنتنا لاعنَّاك، ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لارشدناك).
قال عصار: فتوسم مني الندم على ما فرط مني.
فقال(ع): «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين» (يوسف، 92).
ثم اضاف يسأل: امن اهل الشام انت؟
قلت: نعم.
فقال(ع): شنشنة اعرفها من اخزم، حيانا الله واياك انبسط الينا في حوائجك وما يعرض لك تجدني عند افضل ظنك ان شاء الله تعالى.
قال عصار: فضاقت عليَّ الارض بما رحبت، وودت لو ساخت بي، ثم سللت منه لواذاً وما على الارض احب اليَّ منه ومن ابيه.
نعم هذا هو الاسلوب الامثل مع العدو الذي يجهل مقام الحق واهله، وكم ينبغي سكب دموع الاسف على البعض من الناس الذين ضيعوا هذا الاسلوب الحسيني حتى مع اقرب الاصدقاء حين اختلفوا معهم في مسائل جزئية، وما اجمل ما قاله الحسين(ع) بهذه المناسبة فيما رواه ابنه السجاد(ع) قال: سمعت الحسين(ع) يقول: لو شتمني رجل في هذه الاذن واومئ الى اليمنى واعتذر لي في الاخرى لقبلت ذلك منه وذلك ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) حدثني انه سمع جدي رسول الله(ص) يقول: (لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من محق او مبطل).
وان يكون الانسان عالماً ويحسن اسلوب الاجابة عن اسئلة السائلين، فهذا امر اخلاقي مهم، ونقرؤه في الموقف الحسيني التالي؟
عن سعيد بن المسيب قال: سمعت علي بن الحسين(ع) يقول: ان رجلاً جاء الى امير المؤمنين(ع) فقال: اخبرني ان كنت عالماً عن الناس، وعن اشباه الناس وعن النسناس؟
فقال امير المؤمنين(ع): يا الأمام الحسين(ع) اجب الرجل.
فقال الحسين(ع): اما قولك اخبرني عن الناس، فنحن الناس، ولذلك قال الله تعالى في كتابه: «ثم افيضوا من حيث افاض الناس» (البقرة، 199). فرسول الله(ص) الذي افاض بالناس، واما قولك اشباه الناس فهم شيعتنا وهم موالينا، وهم منا ولذلك قال ابراهيم(ع): «فمن تبعني فانه مني» (ابراهيم، 36). واما قولك النسناس، فهم السواد الاعظم واشار بيده ثم قال: ان هم الا كالانعام بل هم اضل سبيلاً.
ونختم البرنامج بهذه الرواية المعبرة: اعطى رجل للامام الحسين(ع) قطعة ـ أي ورقة مكتوب فيها حاجته ـ فقال له الامام(ع): حاجتك مقضية قبل قراءتها.
فقيل له: هلا رأيت ما فيها؟
فقال(ع): يسألني الله عند وقوفه بين يدي حتى اقرأها، وفي رواية اخرى: قيل له يا بن رسول الله، لو نظرت في رقعته ـ أي الورقة ـ ثم رددت الجواب على قدر ذلك؟
فقال(ع): يسألني الله تعالى عن ذل مقامه بين يدي حتى اقرأ رقعته.
وختاماً ايها الاحبة الكرام نشكركم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page